(بَلْ يَحْلِفُ كُلٌّ) مِنْهُمَا (عَلَى نَفْيِ مَا يَدَّعِي عَلَيْهِ وَلَا فَسْخَ) وَتَرْجِيحُهُ عَدَمُ التَّحَالُفِ فِي ذَلِكَ مِنْ زِيَادَتِهِ تَبِعَ فِيهِ الْإِسْنَوِيَّ فَإِنَّهُ رَجَّحَهُ مُسْتَنِدًا إلَى نَصٍّ فِي الْبُوَيْطِيِّ يَدُلُّ لَهُ الْتِزَامًا وَلِعَدَمِ التَّحَالُفِ فِي الِاخْتِلَافِ فِي قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ فِي السَّلَمِ مُطَابَقَةً وَلَكِنَّ الْأَصْحَابَ عَلَى خِلَافِهِ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ فِي مَسْأَلَتِنَا حِكَايَةُ وَجْهَيْنِ بِلَا تَرْجِيحٍ أَحَدِهِمَا مَا مَرَّ وَالْآخَرِ يَتَحَالَفَانِ كَمَا لَوْ كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا وَاقْتَضَى كَلَامُ الرَّافِعِيِّ هُنَا تَرْجِيحَهُ صَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ هُنَا وَالنَّوَوِيُّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الصَّدَاقِ فِي قَوْلِهِ أَصْدَقْتُك أَبَاك فَقَالَتْ بَلْ أُمِّي وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ ثُمَّ لَكِنْ تِلْكَ تُفَارِقُ مَا هُنَا بِأَنَّ الْعِوَضَيْنِ فِيهَا مُعَيَّنَانِ (وَإِنْ كَانَتْ) أَيْ الْمَسْأَلَةُ (بِحَالِهَا وَأَقَامَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (بَيِّنَةً) بِدَعْوَاهُ (سُلِّمَتْ الْجَارِيَةُ لِلْمُشْتَرِي) عَمَلًا بِبَيِّنَتِهِ فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ الْبَيِّنَتَيْنِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَثْبَتَتْ عَقْدًا لَا يَقْتَضِي نَفْيَ غَيْرِهِ.
قَالَ السُّبْكِيُّ وَهَذَا ظَاهِرٌ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ التَّحَالُفِ أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّحَالُفِ وَهُوَ الَّذِي يَقْوَى عَلَى مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ فَيُقَوِّي التَّعَارُضَ وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ (وَأَمَّا الْعَبْدُ) فَقَدْ أَقَرَّ الْبَائِعُ بِبَيْعِهِ وَقَامَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ فَإِنْ كَانَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي أَقَرَّ عِنْدَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَلَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ بِمَا شَاءَ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْمَاوَرْدِيُّ إلَّا بِالْوَطْءِ لَوْ كَانَ أَمَةً وَاسْتَشْكَلَ السُّبْكِيُّ ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَيْفَ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ وَهُوَ مُقِرٌّ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِلْكُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَمْتَنِعَ عَلَيْهِ جَمِيعُ التَّصَرُّفَاتِ إلَّا أَنْ يَرْجِعَ انْتَهَى وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ جَوَّزَ ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا فِي الظَّاهِرِ أَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَالْحُكْمُ مُحَالٌ عَلَى حَقِيقَةِ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ وَإِنْ كَانَ بِيَدِ الْبَائِعِ (فَهَلْ يُجْبَرُ) مُشْتَرِيهِ (عَلَى قَبُولِهِ) لِإِقْرَارِ الْبَائِعِ لَهُ بِهِ (أَوْ يُتْرَكُ عِنْدَ الْقَاضِي حَتَّى يَدَّعِيَهُ) لِأَنَّهُ يُنْكِرُ مِلْكَهُ فِيهِ (وَجْهَانِ) وَبِالثَّانِي جَزَمَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ السُّلَمِيُّ أَنَّهُ الصَّحِيحُ (وَ) إذَا أَخَذَهُ الْقَاضِي (يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ كَسْبِهِ) إنْ كَانَ لَهُ كَسْبٌ نَعَمْ إنْ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي بَيْعه وَحِفْظِ ثَمَنِهِ قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَسْبٌ (بِيعَ) أَيْ بَاعَهُ (إنْ رَآهُ) بِأَنْ رَأَى الْحَظَّ فِي بَيْعِهِ (وَحِفْظِ ثَمَنِهِ) وَقِيلَ يَبْقَى فِي يَدِ الْبَائِعِ عَلَى قِيَاسِ مَنْ أَقَرَّ لِغَيْرِهِ بِشَيْءٍ وَهُوَ يُنْكِرُهُ وَقَوْلُهُ حَتَّى يَدَّعِيَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ.
أَمَّا إذَا فَرَّعْنَا عَلَى التَّحَالُفِ فَقِيَاسُ مَا مَرَّ أَنْ يُقَالَ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ تُؤَرَّخْ الْبَيِّنَتَانِ بِتَارِيخَيْنِ وَإِلَّا قَضَى بِمُتَقَدِّمَةِ التَّارِيخِ (وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا تَحَالَفَا) كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ الثَّمَنِ أَمَّا لَوْ اخْتَلَفَا فِي الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ مَعًا كَأَنْ قَالَ بِعْتُك الْعَبْدَ بِدِرْهَمٍ فَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ الْجَارِيَةَ بِدِينَارٍ فَلَا تَحَالُفَ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَوَارَدَا عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ بَلْ يَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى نَفْيِ قَوْلِ الْآخَرِ قَالَهُ الْإِمَامُ هُنَا وَفِي الصَّدَاقِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِمَا كَمَا مَرَّ (تَنْبِيهٌ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَفِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ بَلْ يَحْلِفُ كُلٌّ عَلَى نَفْيِ مَا يَدَّعِي عَلَيْهِ) قَالَ بِعْتُك بِأَلْفَيْنِ مِنْ دَيْنِك فَقَالَ بَلْ بِأَلْفٍ فَلَا تَحَالُفَ فَلَوْ قَالَ بِعْتُك بِأَلْفَيْنِ وَأَطْلَقَ فَقَالَ بَلْ بِأَلْفٍ تَحَالَفَا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَفَرَّقَ بِأَنَّهُ إذَا قَالَ بِأَلْفَيْنِ مِنْ دَيْنِك عَلَيَّ فَقَدْ أَقَرَّ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ الْمُدَّعَى بِهِ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ بِعْتُك بِأَلْفَيْنِ وَقَبَضَتْهُمَا فَقَالَ إنَّمَا اشْتَرَيْته بِأَلْفٍ فَلَا تَحَالُفَ وَهَذَا بِخِلَافِ الدَّعْوَى الْمُطْلَقَةِ فَإِنَّهَا لَا تَتَضَمَّنُ الْإِقْرَارَ بِالْقَبْضِ وَهُمَا مُخْتَلِفَانِ فِي الثَّمَنِ اهـ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَإِنْ كَانَ التَّصْوِيرُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يُطَالِبُهُ بِالْأَلْفِ الزَّائِدِ فَوَاضِحٌ وَإِنْ كَانَ يُطَالِبُهُ فِي صُورَتَيْ الدَّيْنِ وَقَبْضِ الْأَلْفَيْنِ فَفِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ وَلَا فَسْخَ) قَالَ شَيْخُنَا إنَّمَا قَالَ وَلَا فَسْخَ لِيُفِيدَ بِهِ أَنَّ الْوَاقِعَ بَيْنَهُمَا حَلِفٌ لَا تَحَالُفٌ وَالْفَسْخُ ثَمَرَةُ التَّحَالُفِ لَا الْحَلِفُ هَذَا مَعَ أَنَّ الْأَصَحَّ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ تَبِعَ فِيهِ الْإِسْنَوِيَّ) فَإِنَّهُ رَجَّحَهُ فِي مُهِمَّاتِهِ (قَوْلُهُ وَالْآخَرُ يَتَحَالَفَانِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ هُنَا) وَصَحَّحَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ وَقَالَ السُّبْكِيُّ نَصُّ الْأُمِّ يَشْهَدُ لَهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَنَصُّ الْبُوَيْطِيِّ مُحْتَمَلٌ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْأَشْبَهُ عَلَى مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ التَّحَالُفُ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَثْبَتَ عَقْدًا لَا يَقْتَضِي نَفْيَ غَيْرِهِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ صُورَتَهَا أَنْ لَا تَتَّفِقَ الْبَيِّنَتَانِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَجُزْ إلَّا عَقْدٌ وَاحِدٌ قَالَ شَيْخُنَا فَلَا تَعَارُضَ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَجُزْ إلَّا عَقْدٌ وَاحِدٌ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ تَسَاقَطَتَا وَرَجَعَ لِلتَّحَالُفِ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ السُّبْكِيّ عَلَى الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ لِوُجُودِ التَّعَارُضِ وَإِنْ لَمْ يُحْمَلْ فَهُوَ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّحَالُفِ إلَخْ) وَقَدْ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ بِالتَّحَالُفِ عِنْدَ تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ وَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ فِي الدَّعَاوَى أَنَّهُ إذَا قَالَ أَكَرِيَتك هَذَا الْبَيْتَ مِنْ الدَّارِ شَهْرًا بِعَشْرَةٍ فَقَالَ الْمُكْتَرِي بَلْ جَمِيعُ الدَّارِ بِالْعَشَرَةِ أَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا الْكِرَاءَ بِعَشْرَةٍ وَالْآخَرُ بِعِشْرِينَ وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً فَالْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ أَنَّهُمَا تَتَعَارَضَانِ وَالزِّيَادَةُ الْمُرَجِّحَةُ هِيَ الْمُشْعِرَةُ بِمَزِيدِ عِلْمٍ وَوُضُوحِ حَالٍ وَالزِّيَادَةُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ إنَّمَا هِيَ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ وَتُفَارِقُ بَيِّنَةَ الْأَلْفِ وَالْأَلْفَيْنِ فَإِنَّهُمَا لَا يَتَنَافَيَانِ لِأَنَّ الَّتِي تَشْهَدُ بِالْأَلْفِ لَا تَنْفِي الْأَلْفَ الْأُخْرَى وَهَهُنَا الْعَقْدُ وَاحِدٌ وَكُلُّ كَيْفِيَّةٍ تُنَافِي الْكَيْفِيَّةَ الْأُخْرَى فَنَشَأَ التَّعَارُضُ فَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ هُنَا مِنْ الْحُكْمِ إذَا قَامَتْ الْبَيِّنَتَانِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُفَرَّعًا عَلَى عَدَمِ التَّحَالُفِ وَبِالْجُمْلَةِ فَالْقَوْلُ بِالتَّعَارُضِ هُنَا مُنَاسِبٌ لِلْقَوْلِ بِالتَّحَالُفِ وَعَدَمُهُ مُنَاسِبٌ لِعَدَمِهِ.
(قَوْلُهُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ إلَخْ) أَشَارَ شَيْخُنَا إلَى تَضْعِيفِهِ (قَوْلُهُ إلَّا بِالْوَطْءِ) لَوْ كَانَ أَمَةً لِاعْتِرَافِهِ بِتَحْرِيمِ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ النَّفَقَةُ (قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَمْتَنِعَ عَلَيْهِ جَمِيعُ التَّصَرُّفَاتِ إلَخْ) قَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ قُبَيْلَ كِتَابِ الصَّدَاقِ أَنَّهُمْ لَوْ شَهِدُوا عَلَيْهِ أَنَّهُ اشْتَرَى هَذَا الْعَبْدَ بِكَذَا وَهُوَ يُنْكِرُهُ يُحْكَمُ بِدُخُولِ الْمَبِيعِ فِي مِلْكِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ الثَّمَنُ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ جَوَازُ تَصَرُّفِهِ بِسَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ الْوَطْءِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ قَرِيبٌ مِمَّا إذَا أَقَرَّ بِشَيْءٍ لِغَيْرِهِ فَكَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فَإِنَّهُ يُقِرُّ فِي يَدِ الْمُقِرِّ وَيَكُونُ عَلَى سَبِيلِ الْمِلْكِ كَمَا يُشْعِرُ تَعْلِيلُ الرَّافِعِيِّ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُهَذَّبِ حَيْثُ قَالَ فِي تَوْجِيهِهِ إنَّهُ مَحْكُومٌ لَهُ بِمِلْكِهِ فَإِذَا رَدَّهُ الْمُقَرُّ لَهُ بَقِيَ عَلَى مِلْكِهِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَبْقَى فِي يَدِ الْبَائِعِ إلَخْ) هُوَ الْأَصَحُّ وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَهَلْ يُسَلِّمُهُ إلَى الْمُشْتَرِي أَوْ إلَى الْقَاضِي أَوْ يُقِرُّ فِي يَدِهِ فِيهِ الْخِلَافُ فِيمَنْ أَقَرَّ لِغَيْرِهِ بِمَالٍ وَكَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَفِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ إشَارَةٌ إلَخْ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute