للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَغَيْرُهُ وَأَفَادَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ كَأَقْرَضْتُكَ أَنَّهُ لَا حَصْرَ لِلصِّيَغِ فِيمَا قَالَهُ بِخِلَافِ قَوْلِ أَصْلِهِ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ أَقْرَضْتُك إلَى آخِرِهِ (فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْبَدَلَ) بِأَنْ اقْتَصَرَ عَلَى مَلَّكْتُكَهُ (فَهُوَ هِبَةٌ) فِي الظَّاهِرِ (وَالْقَوْلُ فِي ذِكْرِهِ) أَيْ الْبَدَلِ فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِيهِ (قَوْلُ الْآخِذِ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ذِكْرِهِ وَالصِّيغَةُ ظَاهِرَةٌ فِيمَا ادَّعَاهُ وَبِهَذَا فَارَقَ مَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي كَوْنِ الْعَقْدِ بَيْعًا أَوْ هِبَةً حَيْثُ يَحْلِفُ كُلٌّ عَلَى نَفْيِ دَعْوَى الْآخَرِ وَحَكَى فِي الرَّوْضَةِ وَجْهًا أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الدَّافِعِ قَالَ وَهُوَ مُتَّجِهٌ أَيْ لِمُوَافَقَتِهِ قَوْلَهُ فِي الْأَطْعِمَةِ لَوْ قَالَ أَطْعَمْتُك بِعِوَضٍ فَقَالَ الْمُضْطَرُّ بِلَا عِوَضٍ صَدَقَ الْمُطْعِمُ فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِكَيْفِيَّةِ بَذْلِهِ وَهَذَا الْوَجْهُ صَحَّحَهُ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ (وَكَذَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ) لِمَا ذُكِرَ نَعَمْ الْقَرْضُ الْحُكْمِيُّ كَالْإِنْفَاقِ عَلَى اللَّقِيطِ الْمُحْتَاجِ وَإِطْعَامِ الْجَائِعِ وَكِسْوَةِ الْعَارِي لَا يَفْتَقِرُ إلَى إيجَابٍ وَقَبُولٍ وَظَاهِرٌ أَنَّ الِالْتِمَاسَ مِنْ الْمُقْرِضِ كَاقْتَرَضَ مِنِّي يَقُومُ مُقَامَ الْإِيجَابِ وَمِنْ الْمُقْتَرِضِ كَأَقْرِضْنِي يَقُومُ مُقَامَ الْقَبُولِ كَمَا فِي الْبَيْعِ.

(وَإِنَّمَا يَجُوزُ الْقَرْضُ فِيمَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ) لِصِحَّةِ ثُبُوتِهِ فِي الذِّمَّةِ بِخِلَافِ مَا لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ لِأَنَّ مَا لَا يَنْضَبِطُ أَوْ يَنْدُرُ وُجُودُهُ يَتَعَذَّرُ أَوْ يَتَعَسَّرُ رَدُّ مِثْلِهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ صِحَّةُ إقْرَاضِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ الْمَغْشُوشَةِ لِصِحَّةِ السَّلَمِ فِيهَا بِنَاءً عَلَى جَوَازِ الْمُعَامَلَةِ بِهَا فِي الذِّمَّةِ وَلِأَنَّهَا مِثْلِيَّةٌ لَكِنْ ذَكَرَ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إقْرَاضُهَا وَخَالَفَهُ الْأَذْرَعِيُّ فَاخْتَارَ الْجَوَازَ قَالَ بِخِلَافِ بَيْعِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ لِأَنَّ الْإِقْرَاضَ جُوِّزَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ لِلْإِرْفَاقِ وَيَجُوزُ رَدُّ الزَّائِدِ وَأَخْذُ النَّاقِصِ بِلَا شَرْطٍ فَلَا يُضَايَقُ فِيهِ كَالرِّبَا وَوَافَقَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَلَى اخْتِيَارِ الْجَوَازِ وَقَيَّدَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ بِمَا إذَا عَرَفَ قَدْرَ غِشِّهَا وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ إقْرَاضُهَا لِلْجَهْلِ بِهَا (وَاسْتَثْنَى) مِنْ عَدَمِ جَوَازِ قَرْضِ مَا لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ (جَوَازَ قَرْضِ الْخُبْزِ وَزْنًا) لِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْأَمْصَارِ عَلَى فِعْلِهِ فِي الْأَعْصَارِ بِلَا إنْكَارٍ وَهَذَا مَا قَطَعَ بِهِ الْمُتَوَلِّي وَالْمُسْتَظْهَرَيْ وَغَيْرُهُمَا وَاقْتَضَى كَلَامُ النَّوَوِيِّ تَرْجِيحَهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالرَّاجِحُ جَوَازُهُ فَقَدْ اخْتَارَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ قَالَ الْخُوَارِزْمِيَّ وَيَجُوزُ إقْرَاضُهُ عَدَدًا وَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ فِي الشُّفْعَةِ مِنْ جَوَازِ إقْرَاضِ جُزْءٍ مِنْ دَارٍ فَبَنَى كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ أَنَّ الْوَاجِبَ رَدُّ الْقِيمَةِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمُتَوَلِّي أَوْ مَحْمُولٌ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَزِدْ الْجُزْءُ عَلَى النِّصْفِ فَإِنَّ لَهُ حِينَئِذٍ مِثْلًا فَيَجُوزُ إقْرَاضُهُ كَغَيْرِهِ وَصَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إقْرَاضُ الْعَقَارِ كَمَا لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ.

(وَيَحْرُمُ إقْرَاضُ الرُّوبَةِ) لِاخْتِلَافِهَا بِالْحُمُوضَةِ وَهِيَ بِضَمِّ الرَّاءِ خَمِيرَةٌ مِنْ اللَّبَنِ الْحَامِضِ تُلْقَى عَلَى الْحَلِيبِ لِيَرُوبَ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَذَكَرَ فِي التَّتِمَّةِ وَجْهَيْنِ فِي إقْرَاضِ الْخَمِيرِ الْحَامِضِ أَحَدُهُمَا الْجَوَازُ لِاطِّرَادِ الْعَادَةِ بِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَالْعِبْرَةُ بِالْوَزْنِ كَالْخُبْزِ (وَ) يَحْرُمُ إقْرَاضُ (جَارِيَةٍ) لِمَنْ (تَحِلُّ لَهُ) وَلَوْ غَيْرَ مُشْتَهَاةٍ وَإِنْ جَازَ السَّلَمُ فِيهَا لِأَنَّهُ عَقْدٌ جَائِزٌ يَثْبُتُ فِيهِ الرَّدُّ وَالِاسْتِرْدَادُ وَرُبَّمَا يَطَؤُهَا الْمُقْتَرِضُ ثُمَّ يَرُدُّهَا فَيُشْبِهُ إعَارَةَ الْجَوَارِي لِلْوَطْءِ وَلَيْسَ هَذَا كَالْأَبِ يَهَبُ وَلَدَهُ جَارِيَةً يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا مَعَ جَوَازِ اسْتِرْجَاعِ الْأَبِ لَهَا لِأَنَّ الْعَقْدَ لَازِمٌ ثَمَّ مِنْ قِبَلِ الْمُتَمَلِّكِ بِخِلَافِهِ هُنَا وَلِأَنَّ عَقْدَ الْقَرْضِ مَدْلُولُهُ إعْطَاءُ شَيْءٍ وَالرُّجُوعُ فِيهِ أَوْ فِي بَدَلِهِ فَكَانَ كَالْإِعَارَةِ بِخِلَافِ الْهِبَةِ أَمَّا مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا لِمَحْرَمِيَّةٍ أَوْ تَمَجُّسٍ أَوْ نَحْوِهِ فَيَجُوزُ إقْرَاضُهَا لَهُ وَقَضِيَّةُ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

بِالْمِثْلِ يَصْرِفُهُ إلَى الْقَرْضِ وَلَيْسَتْ كِنَايَةً فِي الْبَيْعِ لِأَنَّ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ وَوَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ لَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ وَقَالَ الْغَزِّيِّ وَظَهَرَ لِي أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ صَرِيحٌ فِي الْمُتَقَوِّمِ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ لِلْقَرْضِ لِبُطْلَانِ الْبَيْعِ لَوْ حُمِلَ عَلَيْهِ لِجَهَالَةِ الثَّمَنِ أَمَّا الْمِثْلِيُّ فَيَحْتَمِلُ الْقَرْضَ وَالْبَيْعَ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْبَدَلَ فَهُوَ هِبَةٌ) كَمَا لَوْ قَالَ خُذْ الْحِنْطَةَ وَازْرَعْهَا لِنَفْسِك أَوْ هَذَا الدِّينَارَ وَاشْتَرِ بِهِ قَمِيصًا لِنَفْسِك (قَوْلُهُ وَالْقَوْلُ فِي ذَكَرَهُ قَوْلُ الْآخِذِ بِيَمِينِهِ) يُوَافِقُ مَا فِي آخِرِ الصَّدَاقِ أَنَّهُ لَوْ بَعَثَ شَيْئًا إلَى بَيْتِ مَنْ لَا دَيْنَ لَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ بَعَثْته بِعِوَضٍ فَأَنْكَرَ الْمَبْعُوثُ إلَيْهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَبْعُوثِ إلَيْهِ وَمَا فِي آخِرِ الْهِبَةِ مِنْ زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ فِيمَا إذَا قَالَ وَهَبْتُك بِبَدَلٍ فَقَالَ بِلَا بَدَلٍ أَنَّ الْمُصَدِّقَ الْمُتَّهِبُ وَيُفَارِقُ مَا إذَا قَالَ مَالِكُ الدَّابَّةِ أَجَرْتُكهَا وَقَالَ الْآخَرُ أَعَرْتنِيهَا حَيْثُ صُدِّقَ الْمَالِكُ بِاتِّفَاقِهِمَا فِيهَا عَلَى عَدَمِ انْتِقَالِ مِلْكِ الْعَيْنِ لِلْآخِذِ وَقَدْ انْتَفَعَ بِهَا وَيَدَّعِي عَدَمَ الْعِوَضِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ سُقُوطِهِ فَإِنَّ الِانْتِفَاعَ بِمِلْكِ الْغَيْرِ يَقْتَضِي الْعِوَضَ (قَوْلُهُ وَالصِّيغَةُ ظَاهِرَةٌ فِيمَا ادَّعَاهُ) أَيْ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ صُدِّقَ الْمُطْعِمُ فِي الْأَصَحِّ) إنَّمَا صُدِّقَ الْمُطْعِمُ حِفْظًا لِنَفْسِ الْمُضْطَرِّ إذْ لَوْ صَدَّقْنَاهُ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ لَامْتَنَعَ مَالِكُ الطَّعَامِ مِنْ بَذْلِهِ إلَّا بَعْدَ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ وَقَدْ يُؤَدِّي ذَلِكَ إلَى فَوَاتِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ مُتَّصِلًا بِالْإِيجَابِ) مُوَافِقًا لَهُ فِي الْمَعْنَى كَالْبَيْعِ فَلَوْ قَالَ أَقْرَضْتُك أَلْفًا فَقَبِلَ خَمْسَمِائَةٍ أَوْ بِالْعَكْسِ لَمْ يَصِحَّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْعِ أَنَّ الْمُقْرِضَ مُتَبَرِّعٌ فَلَا يَضُرُّهُ قَبُولُ بَعْضِ الْمُسَمَّى أَوْ الزَّائِدِ عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ صِحَّةُ اقْتِرَاضِ الدَّرَاهِمِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَيَّدَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ وَاقْتَضَى كَلَامُ النَّوَوِيِّ تَرْجِيحُهُ) وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَفِي الذَّخَائِرِ أَنَّهُ الظَّاهِرُ عِنْدَ الْخُرَاسَانِيِّينَ (قَوْلُهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ أَوْ مَحْمُولٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ) وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَصَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا الْجَوَازُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِاطِّرَادِ الْعَادَةِ بِهِ) قَالَ فِي الْخَادِمِ وَهُوَ قِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ السَّلَمِ مِنْ جَوَازِهِ فِي الْمَخِيضِ الصَّافِي مِنْ الْمَاءِ وَوَصْفُهُ بِالْحُمُوضَةِ لَا يَضُرُّ لِأَنَّ الْحُمُوضَةَ مَقْصُودَةٌ فِيهِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْخَمِيرَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ وَالْعِبْرَةُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَجَارِيَةٌ تَحِلُّ لَهُ) يَدْخُلُ فِيهِ الْمُشْتَهَاةُ وَلَوْ رَتْقَاءَ أَوْ قَرْنَاءَ أَوْ مُتَحَيِّرَةً أَيِسَ مِنْ بُرْئِهَا وَغَيْرُهَا إمَّا لِكَوْنِهَا صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً أَوْ شَوْهَاءَ وَقَوْلُهُمْ. لِمَنْ تَحِلُّ لَهُ يَدْخُلُ فِيهِ أَيْضًا مَسَائِلُ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهَا لَكِنَّ إطْلَاقَهُمْ وَتَعْلِيلَهُمْ يَقْتَضِيهَا وَهُوَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْمُقْتَرَضِ بَيْنَ أَنْ يَتَأَتَّى مِنْهُ الْوَطْءُ وَهُوَ وَاضِحٌ أَوْ الْمُقَدِّمَاتِ فَقَطْ كَالْمَمْسُوحِ وَالْعِنِّينِ وَالشَّيْخِ الْهَرِمِ أَوْ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا كَالصَّبِيِّ ح (قَوْلُهُ أَوْ تَمَجُّسٍ أَوْ نَحْوِهِ) كَتَطْلِيقٍ ثَلَاثًا

<<  <  ج: ص:  >  >>