(وَيُبَاعُ أَوَّلًا مَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ) وَلَوْ غَيْرَ مَرْهُونٍ لِئَلَّا يَضِيعَ (ثُمَّ الْمَرْهُونُ وَالْجَانِي) لِيَتَعَجَّلَ حَقَّ مُسْتَحَقِّيهِمَا (فَإِنْ بَقِيَ لِلْمُرْتَهِنِ) مِنْ دَيْنِهِ (شَيْءٌ ضَارَبَ بِهِ) سَائِرَ الْغُرَمَاءِ، وَإِنْ فَضَلَ عَنْهُ شَيْءٌ ضُمَّ إلَى الْمَالِ (وَيُقَدَّمُ) أَيْضًا بَعْدَمَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ (مَالُ الْقِرَاضِ لِيُؤْخَذَ) مِنْهُ (الرِّبْحُ الْمَشْرُوطُ) وَلَا يَتَقَيَّدُ الْحُكْمُ بِمَا ذَكَرَ بَلْ سَائِرُ مَا يَتَعَلَّقُ بِعَيْنِ الْمَالِ كَذَلِكَ وَهُوَ مَا يُقَدَّمُ عَلَى مُؤَنِ التَّجْهِيزِ (ثُمَّ الْحَيَوَانُ) لِحَاجَتِهِ إلَى النَّفَقَةِ وَلِكَوْنِهِ عُرْضَةً لِلْهَلَاكِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ الْمُدَبَّرُ فَقَدْ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُبَاعُ حَتَّى يَتَعَذَّرَ الْأَدَاءُ مِنْ غَيْرِهِ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ يُؤَخَّرُ عَنْ الْكُلِّ صِيَانَةً لِلتَّدْبِيرِ عَنْ الْإِبْطَالِ انْتَهَى (ثُمَّ الْمَنْقُولَاتُ) أَيْ سَائِرُهَا لِخَوْفِ ضَيَاعِهَا (ثُمَّ الْعَقَارُ) وَإِنَّمَا أُخِّرَ لِأَنَّهُ يُؤْمَنُ عَلَيْهِ مِنْ التَّلَفِ وَالسَّرِقَةِ وَلِيُشَهِّرَ بَيْعُهُ فَيَظْهَرَ الرَّاغِبُونَ، وَيُبْدَأُ فِي كُلِّ نَوْعٍ مِنْهَا بِالْأَهَمِّ فَالْأَهَمِّ فَيُقَدَّمُ فِي الْمَنْقُولَاتِ الْمَلْبُوسُ عَلَى النُّحَاسِ وَنَحْوِهِ وَفِي الْعَقَارِ الْبِنَاءُ عَلَى الْأَرْضِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّرْتِيبَ فِي غَيْرِ مَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ وَغَيْرِ الْحَيَوَانِ مُسْتَحَبٌّ لَا وَاجِبٌ وَقَدْ تَقْتَضِي الْمَصْلَحَةُ تَقْدِيمَ بَيْعِ الْعَقَارِ أَوْ غَيْرِهِ إذَا خِيفَ عَلَيْهِ مِنْ ظَالِمٍ أَوْ نَحْوِهِ فَالْأَحْسَنُ تَفْوِيضُ الْأَمْرِ إلَى اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ وَيُحْمَلُ كَلَامُهُمْ عَلَى الْغَالِبِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ.
وَالْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُمَا: وَالْمَرْهُونُ يُبَاعُ قَبْلَ الْجَانِي قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ إذَا فَاتَ لَمْ يُبْطِلْ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ بِخِلَافِ الْجَانِي فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَدِّمَ بَيْعَهُ لِذَلِكَ، وَيُبَاعُ نَدْبًا (كُلُّ شَيْءٍ فِي سُوقِهِ) لِأَنَّ طَالِبَهُ فِيهِ أَكْثَرُ، وَالتُّهْمَةُ فِيهِ أَبْعَدُ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَمَحَلُّهُ كَمَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إذَا لَمْ يَكُنْ فِي نَقْلِهِ مُؤْنَةٌ كَبِيرَةٌ فَإِنْ كَانَتْ وَرَأَى الْحَاكِمُ الْمَصْلَحَةَ فِي اسْتِدْعَاءِ أَهْلِ السُّوقِ إلَيْهِ فَعَلَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا ظَنَّ عَدَمَ الزِّيَادَةِ فِي غَيْرِ سُوقِهِ (فَإِنْ بَاعَهُ فِي غَيْرِهِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ صَحَّ) الْبَيْعُ مُطْلَقًا (وَإِنَّمَا يَبِيعُ) بِثَمَنِ الْمِثْلِ فَأَكْثَرَ (حَالًّا بِنَقْدِ الْبَلَدِ) كَالْوَكِيلِ نَعَمْ إنْ رَضِيَ الْمُفْلِسُ وَالْغُرَمَاءُ بِالْبَيْعِ نَسِيئَةً أَوْ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ قَالَ الْمُتَوَلِّي: جَازَ وَتَوَقَّفَ فِيهِ السُّبْكِيُّ لِاحْتِمَالِ ظُهُورِ غَرِيمٍ آخَرَ يَطْلُبُ دَيْنَهُ فِي الْحَالِ، وَلَوْ رَأَى الْحَاكِمُ الْمَصْلَحَةَ فِي الْبَيْعِ بِمِثْلِ حُقُوقِهِمْ جَازَ، وَلَوْ بَاعَ بِثَمَنِ مِثْلِهِ ثُمَّ ظَهَرَ رَاغِبٌ بِزِيَادَةٍ فَقِيَاسُ مَا ذَكَرُوهُ فِي عَدْلِ الرَّهْنِ وُجُوبُ الْقَبُولِ فِي الْمَجْلِسِ، وَفَسْخُ الْبَيْعِ، وَحَكَاهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ النَّصِّ (فَإِنْ كَانَ) نَقْدُ الْبَلَدِ (غَيْرَ) جِنْسِ (دَيْنِهِمْ) وَلَمْ يَرْضُوا إلَّا بِجِنْسِ دَيْنِهِمْ (اشْتَرَاهُ) لَهُمْ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبُهُمْ (أَوْ عَاوَضَهُمْ بِهِ إنْ رَضَوْا إلَّا إنْ كَانَ سَلَمًا) فَلَا يُعَاوِضُهُمْ وَإِنْ رَضَوْا لِامْتِنَاعِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُ (وَلَا يُسَلِّمُ) الْحَاكِمُ أَوْ مَأْذُونُهُ (مَا بِيعَ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ) كَالْوَكِيلِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ بِمُؤَجَّلٍ، وَإِنْ حَلَّ قَبْلَ أَوَانِ الْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ بِمُؤَجَّلٍ يَجِبُ تَسْلِيمُهُ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ.
(فَصْلٌ وَالْأَوْلَى) لِلْحَاكِمِ (أَنْ يُقَسِّمُ مَا نَضَّ) يَعْنِي مَا قَبَضَهُ مِنْ أَثْمَانِ أَمْوَالِهِ عَلَى التَّدْرِيجِ لِتَبْرَأَ مِنْهُ ذِمَّتُهُ وَيَصِلَ إلَيْهِ الْمُسْتَحِقُّ بَلْ إنْ طَلَبَ الْغُرَمَاءُ الْقِسْمَةَ وَجَبَتْ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ السُّبْكِيّ الْآتِي (فَإِنْ تَعَسَّرَتْ قِسْمَتُهُ لِقِلَّتِهِ) وَكَثْرَةِ الدُّيُونِ (فَلَهُ التَّأْخِيرُ) لَهَا لِتَجْتَمِعَ (وَلَوْ طَالَبُوا) بِهَا وَتَبِعَ فِي مَسْأَلَةِ الْمُطَالَبَةِ بَحْثُ الشَّيْخَيْنِ فَإِنَّهُمَا قَالَا: فَإِنْ أَبَوْا التَّأْخِيرَ فَفِي النِّهَايَةِ إطْلَاقُ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يُجِيبُهُمْ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ: بَلْ الظَّاهِرُ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
بَيِّنَةً بِمِلْكِهِمْ لَهَا قِيلَ أَيْنَ أَحَدُ الْبَابَيْنِ مِنْ الْآخَرِ فَإِنَّهُ هُنَا لَوْ لَمْ يَبِعْ الْحَاكِمُ لَتَعَطَّلَتْ الْحُقُوقُ وَضَاعَتْ التَّرِكَاتُ وَهُنَاكَ لَوْ لَمْ تُقَسَّمُ لَبَقِيَتْ الدَّارُ فِي يَدَيْهِمَا عَلَى حَالِهَا وَلَا ضَرُورَةَ إلَى الْقِسْمَةِ (قَوْلُهُ وَيُبَاعُ أَوَّلًا مَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ) ثُمَّ مَا يُخْشَى فَسَادُهُ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَا يُقَدَّمُ عَلَى مُؤَنِ التَّجْهِيزِ) لَوْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ زَكَاةٌ وَحَجٌّ فَوْرِيٌّ فَيَظْهَرُ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْغُرَمَاءِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِيمَنْ مَاتَ وَلَمْ يَفِ مَالُهُ بِالْحَقَّيْنِ فس (قَوْلُهُ فَقَدْ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُبَاعُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّرْتِيبَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْمَحَامِلِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَدِّمَ بَيْعَهُ لِذَلِكَ) يُجَابُ بِأَنَّ بَيْعَ الْمَرْهُونِ إنَّمَا قُدِّمَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُبَادَرَةِ إلَى بَرَاءَةِ ذِمَّةِ الْمَدْيُونِ.
(قَوْلُهُ وَيُبَاعُ نَدْبًا إلَخْ) نَعَمْ إنْ تَعَلَّقَ بِالسُّوقِ غَرَضٌ مُعْتَبَرٌ لِلْمُفْلِسِ أَوْ الْغُرَمَاءِ فَيَجِبُ فس (قَوْلُهُ كُلُّ شَيْءٍ فِي سُوقِهِ) فِي حَالِ قِيَامِ ذَلِكَ السُّوقِ وَكَتَبَ أَيْضًا يُقِيمُ الْحَاكِمُ دَلَّالًا ثِقَةً يُنَادِي عَلَى الْمَالِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَرْضَاهُ الْمُفْلِسُ وَالْغُرَمَاءُ وَلَوْ رَضُوا بِغَيْرِ ثِقَةٍ لَمْ يُقِمْهُ فَإِنْ تَطَوَّعَ الدَّلَّالُ فَذَاكَ وَإِلَّا اُسْتُؤْجِرَ بِأَقَلِّ مَا يُوجَدُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: فَلَوْ رَأَى أَنْ يَجْعَلَ لَهُ جَعْلًا مَشْرُوطًا، أَوْ أُجْرَةَ الْمِثْلِ جَازَ ثُمَّ إنْ كَانَ فِي بَيْتِ الْمَالِ فَضْلٌ صُرِفَتْ الْأُجْرَةُ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ، وَإِلَّا فَمِنْ مَالِ الْمُفْلِسِ، وَالْأَوْلَى حِينَئِذٍ أَنْ يَكُونَ تَقْرِيرُ الْأُجْرَةِ مِنْ الْغُرَمَاءِ فَإِنْ أَبَوْا فَعَلَهُ الْحَاكِمُ، وَكَذَا أُجْرَةُ الْكَيَّالِ وَالْوَزَّانِ وَلَوْ اخْتَارَ الْمُفْلِسُ دَلَّالًا وَالْغُرَمَاءُ دَلَّالًا فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا ثِقَةً دُونَ الْآخَرِ أَقَرَّ الْحَاكِمُ الثِّقَةَ وَإِنْ كَانَا ثِقَتَيْنِ وَأَحَدُهُمَا مُتَطَوِّعٌ دُونَ الْآخَرِ أَقَرَّ الْمُتَطَوِّعَ، وَإِنْ كَانَا مُتَطَوِّعَيْنِ ضُمَّ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ وَإِلَّا اخْتَارَ أَوْثَقَهُمَا وَأَعْرَفَهُمَا (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ كَمَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَبِيعُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ) فَأَكْثَرَ حَالًّا بِنَقْدِ الْبَلَدِ؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ لِغَيْرِهِ فَوَجَبَ فِيهِ رِعَايَةُ الْمَصْلَحَةِ مَا ذَكَرَهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ مَا لَوْ لَمْ يَبْلُغْهُ مَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ لِئَلَّا يَتْلَفَ جُمْلَةً وَهَذَا ظَاهِرٌ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرُوهُ (قَوْلُهُ أَوْ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ) قَالَ شَيْخُنَا أَوْ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ (قَوْلُهُ قَالَ الْمُتَوَلِّي جَازَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ فَقِيَاسُ مَا ذَكَرُوهُ فِي عَدْلِ الرَّهْنِ إلَخْ) قَدْ ذَكَرُوا فِي عَدْلِ الرَّهْنِ وَالْوَكَالَةِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَفْسَخْ انْفَسَخَ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ لِامْتِنَاعِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ سَائِرَ مَا يُمْتَنَعُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ كَالسَّلَمِ (قَوْلُهُ وَلَا يَسْلَمُ مَا بِيعَ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ) اسْتَثْنَى مِنْهُ الْأَذْرَعِيُّ مَا لَوْ بَاعَ شَيْئًا لِأَحَدِ الْغُرَمَاءِ وَعَلِمَ أَنَّهُ يَحْصُلُ لَهُ عِنْدَ الْمُقَاسَمَةِ مِثْلُ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ فَأَكْثَرُ قَالَ فَالْأَحْوَطُ بَقَاءُ الثَّمَنِ فِي ذِمَّتِهِ لَا أَخْذُهُ وَإِعَادَتُهُ إلَيْهِ وَسَيَأْتِي مَا يُؤَيِّدُهُ مَعَ ظُهُورِهِ اهـ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَا يُسْتَثْنَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الثَّمَنُ مِنْ حَبْسِ دَيْنِهِ جَاءَ التَّقَاصُّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِهِ وَرَضِيَ بِهِ حَصَلَ الِاعْتِيَاضُ فَلَمْ يَحْصُلْ تَسْلِيمُ قَبْضِ الثَّمَنِ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute