للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إلَّا شِرْكَةَ الْعِنَانِ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ مِنْ عَنَّ الشَّيْءُ ظَهَرَ إمَّا لِأَنَّهَا أَظْهَرُ الْأَنْوَاعِ، أَوْ لِأَنَّهُ ظَهَرَ لِكُلٍّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ مَالُ الْآخَرِ أَوْ مِنْ عِنَانِ الدَّابَّةِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ إمَّا لِاسْتِوَاءِ الشَّرِيكَيْنِ فِي وِلَايَةِ التَّصَرُّفِ وَالْفَسْخِ وَاسْتِحْقَاقِ الرِّبْحِ بِقَدْرِ الْمَالَيْنِ كَاسْتِوَاءِ طَرَفَيْ الْعِنَانِ أَوْ لِمَنْعِ كُلٍّ مِنْهُمَا الْآخَرَ التَّصَرُّفَ كَمَا يَشَاءُ كَمَنْعِ الْعِنَانِ الدَّابَّةَ أَوْ لِمَنْعِ الشَّرِيكِ نَفْسَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْمُشْتَرَكِ وَهُوَ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ فِي سَائِرِ أَمْوَالِهِ كَمَنْعِ الْآخِذِ لِعِنَانِ الدَّابَّةِ إحْدَى يَدَيْهِ مِنْ اسْتِعْمَالِهَا كَيْفَ شَاءَ، وَيَدُهُ الْأُخْرَى مُطْلَقَةٌ يَسْتَعْمِلُهَا كَيْفَ شَاءَ وَقِيلَ مِنْ عَنَّ الشَّيْءُ عَرَضَ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَدْ عَرَضَ لَهُ أَنْ يُشَارِكَ الْآخَرَ، وَقِيلَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ مِنْ عَنَانِ السَّمَاءِ أَيْ سَحَابِهِ؛ لِأَنَّهَا عَلَتْ كَالسَّحَابِ بِصِحَّتِهَا وَشُهْرَتِهَا وَلِهَذَا اتَّفَقُوا عَلَى صِحَّتِهَا، وَنَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ الْقَاضِي عِيَاضٍ: أَنَّهُ بِالْفَتْحِ أَيْضًا مِنْ عَنَّ إذَا ظَهَرَ (وَأَرْكَانُهَا ثَلَاثَةٌ) وَزَادَ بَعْضُهُمْ رَابِعًا وَهُوَ الْعَمَلُ (الْأَوَّلُ الْعَاقِدَانِ وَشَرْطُهُمَا أَهْلِيَّةُ التَّوْكِيلِ وَالتَّوَكُّلِ) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَتَصَرَّفُ فِي مَالِهِ بِالْمِلْكِ، وَفِي مَالِ الْآخَرِ بِالْإِذْنِ فَكُلٌّ مِنْهُمَا مُوَكِّلٌ وَوَكِيلٌ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَمَحَلُّهُ إذَا أَذِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ فِي التَّصَرُّفِ وَإِلَّا فَيُشْتَرَطُ فِي الْآذِنِ أَهْلِيَّةُ التَّوْكِيلِ وَفِي الْمَأْذُونِ لَهُ أَهْلِيَّةُ التَّوَكُّلِ حَتَّى يَصِحَّ أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ أَعْمَى دُونَ الثَّانِي، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ جَوَازُ الشِّرْكَةِ لِلْوَلِيِّ فِي مَالِ مَحْجُورِهِ وَلِلْمُكَاتَبِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَقَدْ يُقَالُ بِمَنْعِهَا فِي الْأُولَى لِاسْتِلْزَامِهَا خَلْطَ مَالِ مَحْجُورِهِ قَبْلَ عَقْدِهَا بِلَا مَصْلَحَةٍ نَاجِزَةٍ بَلْ تُورِثُ نَقْصًا، وَيَنْبَغِي فِي الثَّانِيَةِ الْمَنْعُ إنْ كَانَ الْمَأْذُونُ لَهُ الْمُكَاتَبَ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّبَرُّعِ بِعَمَلِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَمَا ذَكَرَهُ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، قُلْت: بَلْ هُوَ قَوِيٌّ فِي الثَّانِيَةِ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْأُولَى: الْأَقْرَبُ الْجَوَازُ كَالْقِرَاضِ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ فِيهِ إخْرَاجَ جُزْءٍ مِنْ مَالِ مَحْجُورِهِ، وَهُوَ الرِّبْحُ بِخِلَافِ الشِّرْكَةِ، وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ، وَلَهُ طِفْلٌ وَرَأَى الْوَلِيُّ الْمَصْلَحَةَ فِي الشِّرْكَةِ اسْتَدَامَهَا (وَتُكْرَهُ مُشَارَكَةُ ذِمِّيٍّ وَمَنْ لَا يَحْتَرِزُ مِنْ الرِّبَا وَنَحْوِهِ) وَإِنْ كَانَ الْمُتَصَرِّفُ مُشَارِكَهُمَا كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ لِمَا فِي أَمْوَالِهِمَا مِنْ الشُّبْهَةِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ شَارَكَ لِمَحْجُورِهِ اُعْتُبِرَ كَوْنُ الشَّرِيكِ عَدْلًا يَجُوزُ إيدَاعُ مَالِ الْمَحْجُورِ عِنْدَهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ الرُّكْنُ

(الثَّانِي الصِّيغَةُ وَلَا بُدَّ مِنْ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى الْإِذْنِ) مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ (فِي التَّصَرُّفِ) بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لِيَحْصُلَ لَهُ التَّسَلُّطُ عَلَى التَّصَرُّفِ، وَفِي مَعْنَى اللَّفْظِ الْكِتَابَةُ وَإِشَارَةُ الْأَخْرَسِ (فَإِنْ قَالَا: اشْتَرَكْنَا لَمْ يَكُنْ إذْنًا، وَلَمْ يَتَصَرَّفْ كُلٌّ مِنْهُمَا إلَّا فِي نَصِيبِهِ) لِاحْتِمَالِ كَوْنِ ذَلِكَ إخْبَارًا عَنْ حُصُولِ الشِّرْكَةِ فِي الْمَالِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ حُصُولِهَا جَوَازُ التَّصَرُّفِ بِدَلِيلِ الْمَالِ الْمَوْرُوثِ شِرْكَةً نَعَمْ إنْ نَوَيَا بِذَلِكَ الْإِذْنَ فِي التَّصَرُّفِ كَانَ إذْنًا كَمَا جَزَمَ بِهِ السُّبْكِيُّ (فَإِنْ شَرَطَ أَنْ لَا يَتَصَرَّفَ أَحَدُهُمَا فِي نَصِيبِ نَفْسِهِ لَمْ يَصِحَّ) الْعَقْدُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَجْرِ عَلَى الْمَالِكِ فِي مِلْكِهِ (فَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ اتَّجِرْ) أَوْ تَصَرَّفْ (اتَّجَرَ فِي الْجَمِيعِ فِيمَا شَاءَ، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ) لَهُ (فِيمَا شِئْت) كَالْقِرَاضِ (وَلَا يَتَصَرَّفُ الْآخَرُ) الْأَوْلَى الْقَائِلُ (إلَّا فِي نَصِيبِهِ مَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ) الْآخَرُ فَيَتَصَرَّفُ فِي الْجَمِيعِ أَيْضًا وَمَتَى عَيَّنَ لَهُ جِنْسًا أَوْ نَوْعًا لَمْ يَتَصَرَّفْ فِي غَيْرِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، وَفَرَضَهُ فِي الْجِنْسِ وَلَا يُعْتَبَرُ فِيمَا عَيَّنَهُ أَنْ يَعُمَّ وُجُودُهُ؛ لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ ذَكَرَهُ الْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُ

الرُّكْنُ (الثَّالِثُ الْمَالُ) الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ (وَتَجُوزُ الشِّرْكَةُ فِي الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ) بِالْإِجْمَاعِ (وَلَوْ مَغْشُوشَةً) إنْ (رَاجَتْ) عَلَى الْأَصَحِّ بِخِلَافِهَا فِي الْقِرَاضِ كَمَا سَيَأْتِي إيضَاحُهُ ثَمَّ (وَكَذَا) فِي سَائِرِ (الْمِثْلِيَّاتِ) كَالْبُرِّ وَالْحَدِيدِ؛ لِأَنَّهَا إذَا اخْتَلَطَتْ بِجِنْسِهَا ارْتَفَعَ مَعَهَا التَّمْيِيزُ فَأَشْبَهَتْ النَّقْدَيْنِ (وَمِنْهَا التِّبْرَانِ) أَيْ تِبْرُ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فَتَصِحُّ الشِّرْكَةُ فِيهِمَا فَمَا أَطْلَقَهُ الْأَكْثَرُونَ هُنَا مِنْ مَنْعِ الشِّرْكَةِ فِيهِمَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُمَا مُتَقَوِّمَانِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَصْلُ وَسَوَّى بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْحُلِيِّ وَالسَّبَائِكِ فِي ذَلِكَ (لَا فِي الْمُتَقَوِّمَاتُ) غَيْرِ الْمُشَاعَةِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ وَزَادَ بَعْضُهُمْ رَابِعًا وَهُوَ الْعَمَلُ) أَيْ وَهُوَ التِّجَارَةُ إلَّا فِي الْحُبُوبِ وَالْمَوَاشِي فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْمُشَارَكَةُ عَلَيْهَا لِلزِّرَاعَةِ وَالرِّعَايَةِ (قَوْلُهُ وَشَرْطُهُمَا أَهْلِيَّةُ التَّوْكِيلِ وَالتَّوَكُّلِ) أَيْ فِي الْمَالِ فَإِنَّ لِلسَّفِيهِ أَهْلِيَّةَ التَّوَكُّلِ وَالتَّوْكِيلِ فِي اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ وَالطَّلَاقِ وَنَحْوِهِمَا وَلَا يَسْتَقِلُّ بِالشِّرْكَةِ جَزْمًا (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ جَوَازُ الشِّرْكَةِ لِلْوَلِيِّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بَلْ قَدْ يُورِثُ نَقْصًا) الْغَرَضُ أَنَّ الْمَصْلَحَةَ اقْتَضَتْ الشِّرْكَةَ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي فِي الثَّانِيَةِ الْمَنْعُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ الْمَأْذُونُ لَهُ الْمُكَاتَبَ إلَخْ) كَلَامُهُمْ مُصَرِّحٌ بِهِ فَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَوَكُّلُهُ بِجُعْلٍ لَا يَفِي بِأُجْرَتِهِ (قَوْلُهُ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْأُولَى: الْأَقْرَبُ الْجَوَازُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ لَا يَحْتَرِزُ مِنْ الرِّبَا وَنَحْوِهِ) أَيْ كَالْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ (قَوْلُهُ: نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ) وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا كَانَ هُوَ الْمُتَصَرِّفَ دُونَ مَا إذَا كَانَ الْوَلِيُّ هُوَ الْمُتَصَرِّفُ فس، وَقَالَ الْغَزِّيِّ: هُوَ مَرْدُودٌ إذَا كَانَ الْوَلِيُّ هُوَ الْمَأْذُونَ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ

(قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَا: اشْتَرَكْنَا لَمْ يَكُنْ إذْنًا) قَالَ شَيْخُنَا: أَيْ لِعَدَمِ وُجُودِ حَقِيقَةِ الشِّرْكَةِ الشَّرْعِيَّةِ الْمُرَادَةِ هُنَا (قَوْلُهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ السُّبْكِيُّ) أَيْ وَالْأَذْرَعِيُّ وَتَعْلِيلُهُمْ كَالصَّرِيحِ فِيهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ فَإِنْ شَرَطَ أَنْ لَا يَتَصَرَّفَ أَحَدُهُمَا فِي نَصِيبِ نَفْسِهِ لَمْ يَصِحَّ) فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ لَوْ عَقَدَا الشِّرْكَةَ عَلَى أَنْ يُنِيبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي التَّصَرُّفِ فَسَدَتْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ شَرْطَ إنَابَةِ خَادِمِهِ لَا تَمْنَعُ الصِّحَّةَ كَالْقِرَاضِ وَيَجُوزُ كَوْنُ الْمَالِ مَعَهُمَا أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا أَوْ غَيْرِهِمَا فَإِنْ شَرَطَ تَفَرُّدَ الْمُتَصَرِّفِ بِالْيَدِ فَفِي الصِّحَّةِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عَدَمُ الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ وَمَتَى عَيَّنَ لَهُ جِنْسًا أَوْ نَوْعًا لَمْ يَتَصَرَّفْ فِي غَيْرِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ) فِي التَّتِمَّةِ أَنَّهُمَا إنْ شَرَطَا فِي عَقْدِ الشِّرْكَةِ أَنْ لَا يَتَصَرَّفَ إلَّا فِي نَوْعٍ مَخْصُوصٍ فَسَدَتْ الشِّرْكَةُ؛ لِأَنَّهُ شَرَطَ عَلَى صَاحِبِهِ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ بِمَالِهِ إلَّا نَوْعًا مَخْصُوصًا مِنْ الْمَالِ وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ. اهـ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا أَصَحُّ. اهـ. وَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا حَكَاهُ الشَّارِحُ عَنْ الْأَصْلِ

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا إذَا اخْتَلَطَتْ إلَخْ) وَقِيمَتُهَا مُسْتَوِيَةٌ عِنْدَ الِارْتِفَاعِ وَالِانْخِفَاضِ غَالِبًا

<<  <  ج: ص:  >  >>