للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَكِيلِ (أَوْ) أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ شَيْئًا (فِي الذِّمَّةِ) وَلَوْ مَعَ الْأَمْرِ بِصَرْفِ مَا دَفَعَ إلَيْهِ فِي الثَّمَنِ فَفَعَلَ، وَقَدْ تَلِفَ الْمَدْفُوعُ لَهُ فِي يَدِهِ بَعْدَ الشِّرَاءِ أَوْ قَبْلَهُ (لَمْ يَنْفَسِخْ) أَيْ الْعَقْدُ (وَلِمَنْ يَقَعُ) أَيْ الْعَقْدُ (فِيهِ خِلَافٌ) قِيلَ لِلْوَكِيلِ وَيَلْزَمُهُ الثَّمَنُ وَقِيلَ لِلْمُوَكِّلِ وَيَلْزَمُهُ مِثْلُ الْمَدْفُوعِ وَقِيلَ يُقَالُ لَهُ إنْ أَرَدْتَهُ فَادْفَعْ مِثْلَ الْمَدْفُوعِ، وَإِلَّا فَيَقَعُ عَنْ الْوَكِيلِ، وَعَلَيْهِ الثَّمَنُ، وَهَذِهِ طَرِيقَةُ بَعْضِ الْمَرَاوِزَةِ جَرَى عَلَيْهَا الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ، وَأَمَّا طَرِيقَةُ الْعِرَاقِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ فَالْوَكِيلُ يَنْعَزِلُ بِتَلَفِ الْمَدْفُوعِ سَوَاءٌ أَقَالَ اشْتَرِ بِعَيْنِهِ أَمْ لَا كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ وَمِنْ ثَمَّ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ.

قُلْت: كَذَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ وَقَطَعَ فِي الْحَاوِي بِأَنَّهُ إذَا قَالَ: اشْتَرِ فِي الذِّمَّةِ أَوْ بِعَيْنِهِ فَتَلِفَ انْفَسَخَتْ الْوَكَالَةُ وَانْعَزَلَ فَإِذَا اشْتَرَى بَعْدَهُ وَقَعَ لِلْوَكِيلِ انْتَهَى وَقَطَعَ بِهِ أَيْضًا الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُمَا وَصَرَّحُوا إلَّا ابْنَ الصَّبَّاغِ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ التَّلَفُ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَقَعَ الشِّرَاءُ لِلْوَكِيلِ أَيْضًا كَنَظِيرِهِ فِي الْقِرَاضِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ هِيَ عَيْنُ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ: وَلَوْ تَصَرَّفَ لِنَفْسِهِ إلَى آخِرِهِ لَكِنَّهُ كَأَصْلِهِ جَرَى فِي تِلْكَ عَلَى طَرِيقَةِ الْعِرَاقِيِّينَ (فَرْعٌ الْمَقْبُوضُ) لِلْوَكِيلِ (بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ يَضْمَنُهُ الْوَكِيلُ) سَوَاءٌ أَتَلِفَ فِي يَدِهِ، أَمْ فِي يَدِ مُوَكِّلِهِ لِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ بِغَيْرِ إذْنٍ شَرْعِيٍّ، وَفِي نُسْخَةٍ يَضْمَنُهُ الْوَكِيلُ إنْ تَلِفَ فِي يَدِهِ (وَيَرْجِعُ) إذَا غَرِمَ (عَلَى الْمُوَكِّلِ) ؛ لِأَنَّ قَرَارَ الضَّمَانِ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ، وَاسْتَشْكَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ فِيمَا إذَا تَلِفَ فِي يَدِ الْوَكِيلِ فَقَالَ: لَا وَجْهَ لَهُ بَلْ الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ الْفَاسِدَ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ، وَلَوْ أَذِنَ فِيهِ فَلَا عِبْرَةَ بِالْإِذْنِ، وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَيُجَابُ بِأَنَّ فَاسِدَ كُلِّ عَقْدٍ كَصَحِيحِهِ فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ وَبِأَنَّ يَدَهُ فِيمَا وُكِّلَ فِيهِ كَيَدِ مُوَكِّلِهِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينُهُ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ شَامِلَةٌ لِمَسْأَلَتَيْ الِاسْتِحْقَاقِ السَّابِقَتَيْنِ (فَرْعٌ وَكِيلُ الْمُسْتَقْرِضِ كَوَكِيلِ الْمُشْتَرِي فَيُطَالَبُ وَيَرْجِعُ بَعْدَ الْغُرْمِ) عَلَى الْمُوَكِّلِ

(الْحُكْمُ الرَّابِعُ الْجَوَازُ) مِنْ الْجَانِبَيْنِ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ إنَابَةٌ فَلَا تَلْزَمُ لِلْإِضْرَارِ (فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الْعَزْلُ إنْ لَمْ يَكُنْ) عَقْدُ الْوَكَالَةِ (بِاسْتِئْجَارٍ) فَإِنْ كَانَ بِاسْتِئْجَارٍ بِأَنْ عُقِدَتْ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ فَهُوَ لَازِمٌ لَا يَقْبَلُ الْعَزْلَ وَهَذَا ظَاهِرٌ لَا يَحْتَاجُ إلَى التَّنْبِيهِ عَلَيْهِ نَعَمْ إنْ عُقِدَتْ بِلَفْظِ الْوَكَالَةِ وَشُرِطَ فِيهَا جُعْلٌ مَعْلُومٌ قَالَ فِي الْأَصْلِ: أَمْكَنَ تَخْرِيجُهُ عَلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِصِيَغِ الْعُقُودِ أَوْ بِمَعَانِيهَا وَهَذَانِ الِاحْتِمَالَانِ نَقَلَهُمَا الرُّويَانِيُّ وَجْهَيْنِ وَصَحَّحَ مِنْهُمَا الْأَوَّلَ عَلَى الْقَاعِدَةِ الْغَالِبَةِ فِي ذَلِكَ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَالتَّرْجِيحُ فِيهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ قَالَ) الْوَكِيلُ (عَزَلْت نَفْسِي أَوْ فَسَخْت الْوَكَالَةَ أَوْ خَرَجْت مِنْهَا أَوْ نَحْوَهُ) كَأَبْطَلْتُهَا (أَوْ عَزَلَهُ الْمُوَكِّلُ أَوْ فَسَخَهَا) بِقَوْلِهِ: فَسَخْتهَا أَوْ نَقَضْتهَا أَوْ أَزَلْتهَا أَوْ صَرَفْتهَا أَوْ رَفَعْتهَا أَوْ نَحْوَهَا (وَعَلِمَ) الْوَكِيلُ بِالْعَزْلِ أَوْ الْفَسْخِ (وَكَذَا إنْ لَمْ يَعْلَمْ) بِهِ (انْعَزَلَ) وَإِنْ كَانَتْ صِيغَةُ الْمُوَكِّلِ صِيغَةَ أَمْرٍ كَ بِعْ وَأَعْتِقْ لِدَلَالَةِ كُلٍّ مِنْ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي انْعِزَالِهِ بِعَزْلِهِ نَفْسَهُ عِلْمُ الْمُوَكِّلِ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُ وَصَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَشْتَرِطْ فِيمَا ذُكِرَ عِلْمُ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ رَفْعُ عَقْدٍ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى الرِّضَا فَلَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى الْعِلْمِ كَالطَّلَاقِ وَقِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ جُنَّ أَحَدُهُمَا وَالْآخَرُ غَائِبٌ بِخِلَافِ انْعِزَالِ الْقَاضِي لَا يَحْصُلُ إلَّا بِعِلْمِهِ لِتَعَلُّقِ الْمَصَالِحِ الْكُلِّيَّةِ بِهِ وَبِخِلَافِ النَّسْخِ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِبُلُوغِ الْخَبَرِ؛ لِأَنَّهُ تَكْلِيفٌ.

وَهُوَ يَعْتَمِدُ الْعِلْمَ إذْ لَا تَكْلِيفَ بِمُحَالٍ بِخِلَافِ الْعَزْلِ وَفَرَّقَ السُّبْكِيُّ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ وَقِيلَ لِلْمُوَكِّلِ) وَيَلْزَمُهُ مِثْلُ الْمَدْفُوعِ هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ هِيَ عَيْنُ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ إلَخْ) لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ تِلْكَ فِيمَا إذَا قَالَ اشْتَرِ بِعَيْنِهِ وَهَذِهِ فِيمَا إذَا أَمَرَهُ بِالشِّرَاءِ فِي الذِّمَّة فَانْدَفَعَتْ دَعْوَى التَّنَاقُضِ فِيهِمَا

(قَوْلُهُ: فَلَا تَلْزَمُ لِلْإِضْرَارِ) ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ قَدْ يَرَى الْمَصْلَحَةَ فِي تَرْكِ مَا وَكَّلَ فِيهِ أَوْ فِي تَوْكِيلٍ آخَرَ، وَالْوَكِيلُ قَدْ لَا يَتَفَرَّغُ فَيَكُونُ اللُّزُومُ مُضِرًّا بِهِمَا (قَوْلُهُ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الْعَزْلُ) ؛ لِأَنَّهَا عَقْدُ إرْفَاقٍ عَلَى تَصَرُّفٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَيْسَ مِنْ شُرُوطِهَا تَقْدِيرُ عَمَلٍ وَلَا زَمَنٍ فَكَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَسْخُهَا كَالْجَعَالَةِ، وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ غَابَ الْمُوَكِّلُ وَعَلِمَ الْوَكِيلُ أَنَّهُ لَوْ عَزَلَ نَفْسَهُ لَاسْتَهْلَكَ الْمَالَ قَاضٍ جَائِرٌ أَوْ غَيْرُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَلْزَمَهُ الْبَقَاءُ عَلَى الْوَكَالَةِ إلَى حُضُورِ مُوَكِّلِهِ أَوْ أَمْنِهِ عَلَى الْمَالِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْوَصِيِّ اهـ مَا ذَكَرَهُ مِنْ اللُّزُومِ مُتَعَيَّنٌ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ أَمْكَنَ بِتَخْرِيجِهِ عَلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِصِيَغِ الْعُقُودِ أَوْ بِمَعَانِيهَا) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِيهِ نَظَرٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْوَكَالَةَ إنَابَةٌ عَنْ الْمُوَكِّلِ، وَوَضْعُهَا الْجَوَازُ، وَالْإِجَارَةُ لَيْسَ الْمُسْتَأْجِرُ فِيهَا نَائِبًا عَنْ الْمُؤَجِّرِ فَلَمْ يَتَّفِقْ اللَّفْظُ وَلَا الْمَعْنَى (قَوْلُهُ: وَصُحِّحَ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْوَكَالَةِ، وَجَزَمَ بِهِ الْجُوَيْنِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ وَصَحَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَابْنُ السِّرَاجِ وَغَيْرُهُمَا (قَوْلُهُ كَأَبْطَلْتُهَا) ؛ لِأَنَّهُ بِالْعَزْلِ أَبْطَلَ مَا صَدَرَ مِنْ الْمُوَكِّلِ مِنْ الْإِذْنِ فِي التَّصَرُّفِ (قَوْلُهُ: وَقِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ جَنَى أَحَدُهُمَا وَالْآخَرُ غَائِبٌ) وَكَذَا لَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ عَبْدٍ أَوْ إعْتَاقِهِ ثُمَّ بَاعَهُ الْمُوَكِّلُ أَوَأَعْتَقَهُ نَفَذَ تَصَرُّفُهُ، وَانْعَزَلَ الْوَكِيلُ ضِمْنًا، وَإِنْ لَمْ يَشْعُرْ بِالْحَالِ وَإِذَا لَمْ يُعْتَبَرْ بُلُوغُ الْخَبَرِ فِي الْعَزْلِ الضِّمْنِيِّ فَفِي صَرِيحِ الْعَزْلِ أَوْلَى (قَوْلُهُ لِتَعَلُّقِ الْمَصَالِحِ الْكُلِّيَّةِ بِهِ) أَيْ فَيَعْظُمُ الضَّرَرُ بِنَقْضِ الْأَحْكَامِ وَفَسَادِ الْأَنْكِحَةِ وَإِبْطَالِ التَّصَرُّفَاتِ الْعَامَّةِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْحَاكِمَ فِي وَاقِعَةٍ خَاصَّةٍ حُكْمُهُ حُكْمُ الْوَكِيلِ اهـ وَمُقْتَضَاهُ أَيْضًا أَنَّ الْوَكِيلَ الْعَامَّ كَوَكِيلِ السُّلْطَانِ لَا يَنْعَزِلُ قَبْلَ بُلُوغِهِ الْخَبَرَ لِعُمُومِ نَظَرِهِ كَالْقَاضِي وَلَمْ يَذْكُرُوهُ فس الْأَحْسَنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْقَاضِيَ نَائِبٌ عَنْ الْمُسْلِمِينَ لَا عَنْ الْإِمَامِ ع قَالَ شَيْخُنَا: الْأَوْجَهُ أَنَّ الْحَاكِمَ وَلَوْ فِي قَضِيَّةٍ خَاصَّةٍ لَا يَكُونُ كَالْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ مِنْ شَأْنِهِ مَا تَقَرَّرَ وَأَنَّ الْوَكِيلَ الْعَامَّ كَالْخَاصِّ كا (قَوْلُهُ وَبِخِلَافِ الْفَسْخِ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِبُلُوغِ الْخَبَرِ) أَيْ وَالتَّمَكُّنُ مِنْ الْفِعْلِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ تَكْلِيفٌ، وَهُوَ يَعْتَمِدُ الْعِلْمَ إلَخْ) قَالَ فِي الْخَادِمِ: إنَّهُ لَا يَصِحُّ بِنَاءُ مَسْأَلَةِ الْوَكِيلِ عَلَى مَسْأَلَةِ الْفَسْخِ؛ لِأَنَّهُ خِطَابٌ يُكْتَفَى فِيهِ إمَّا بِالْفِعْلِ أَوْ الِاعْتِقَادِ وَلَا تَكْلِيفَ إلَّا مَعَ الْإِمْكَانِ، وَلَا إمْكَانَ مَعَ الْجَهْلِ بِوُرُودِ النَّاسِخِ، وَلَا اسْتِحَالَةَ فِي أَنْ يَعْلَمَ بَعْدَ بُلُوغِ الْخَبَرِ بُطْلَانَ تَصَرُّفِهِ قَبْلَهُ

(تَنْبِيهٌ) وَلَوْ عَزَلَ الْمُودِعُ الْمُودَعَ لَمْ يَنْعَزِلْ حَتَّى يَبْلُغَهُ الْخَبَرُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَكِيلِ أَنَّ الْمُودِعَ أَمِينٌ، وَالْوَكِيلُ مُتَصَرِّفٌ، وَالْعَزْلُ يَمْنَعُ صِحَّةَ التَّصَرُّفِ وَذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الْعَارِيَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>