زَيْدٍ ثُمَّ خَصَّصَ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ) كَانَ لَهُ إنَّمَا أَرَدْت فِي عِمَامَتِهِ، وَقَمِيصِهِ لَا فِي دَارِهِ وَبُسْتَانِهِ (لَمْ يُقْبَلْ) قَوْلُهُ فِي الظَّاهِرِ (وَ) لَكِنْ (لَهُ تَحْلِيفُهُ) أَيْ الْمُقَرِّ لَهُ أَنَّهُ (مَا عَلِمَهُ قَصَدَ ذَلِكَ) وَيُفَارِقُ قَبُولَ قَوْلِهِ فِي مَسْأَلَةِ لَا حَقَّ لِي السَّابِقَةِ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعِلْمِ فَدَعْوَاهُ لَهُ ثَمَّ مُوَافَقَةٌ لِلْأَصْلِ وَبِأَنَّ عَدَمَ الْعِلْمِ غَالِبٌ عَلَى الْإِنْسَانِ كَالنِّسْيَانِ، وَقَدْ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ فِي مَسْأَلَةِ دَعْوَى نِسْيَانِ عَيْنٍ بِقَبُولِ قَوْلِهِ بِخِلَافِ تَخْصِيصِ الْعَامِّ بِالْإِرَادَةِ فِي ذَلِكَ فَلَا يُقْبَلُ بِلَا قَرِينَةٍ، وَلِهَذَا لَوْ قَالَ نِسَائِي طَوَالِقُ أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ قَالَ أَرَدْت بَعْضَهُنَّ لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا بِلَا قَرِينَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ إنَّمَا لَمْ يَجْرِ ذَلِكَ الْخِلَافُ فِي مَسْأَلَتِنَا؛ لِأَنَّ الْعَامَّ فِيهَا نَصٌّ فِي إفْرَادِهِ لِوُقُوعِهِ بَعْدَ لَا النَّافِيَةِ لِلْجِنْسِ بِخِلَافِهِ فِي تَيْنِكَ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ؛ وَلِأَنَّ الْحَقَّ هُنَا لِمَحْضِ حَقِّ الْآدَمِيِّ بِخِلَافِهِ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ مَا صَوَّبَهُ النَّوَوِيُّ عَلَى قَوْلِ الْهَرَوِيِّ الْقِيَاسُ قَبُولُ قَوْلِهِ ثُمَّ قَالَ وَلَعَلَّهُ مُرَادُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمَحْذُورَ مِنْ قَبُولِ قَوْلِهِ إنَّمَا هُوَ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ، وَأَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ لَا حَقَّ لِي وَنَحْوِهَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِإِقَامَتِهَا، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْبُلْقِينِيِّ بَلْ هُوَ مُقْتَضَى مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ مِنْ الْمُرَابَحَةِ وَعَلَيْهِ يُفَرَّقُ بِمَا قَدَّمْته آنِفًا، وَيُحْمَلُ مَا أَطْلَقَهُ الشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ فِي الْمُرَابَحَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ مَسَائِلِ الْإِقْرَارِ مِنْ عَدَمِ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ لِتَكْذِيبِ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ لَهَا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ الْمُدَّعِي تَأْوِيلًا ظَاهِرًا كَإِرَادَةِ مَا ذُكِرَ فِي مَسْأَلَتِنَا وَالْإِشْهَادِ عَلَى رَسْمِ الْقَبَالَةِ وَالْجَهْلِ بِمَا أَقَرَّ بِهِ وَلَوْ مَعَ دَعْوَى ظُهُورِ مُسْتَنَدٍ يَشْهَدُ لَهُ بِاسْتِحْقَاقِهِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ إلَّا لِلتَّحْلِيفِ هَكَذَا فُهِمَ. (وَإِنْ أَقَرَّ بِمَجْهُولٍ تُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ كَوَزْنِ هَذِهِ الصَّنْجَةِ دَرَاهِمَ، وَقَدْرِ مَا بَاعَ بِهِ فُلَانٌ فَرَسَهُ صَحَّ) وَيُرْجَعُ إلَى مَا أَحَالَ عَلَيْهِ (وَكَقَوْلِهِ لِزَيْدٍ عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا نِصْفَ مَا لِعَمْرٍو) عَلَيَّ (وَلِعَمْرٍو عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا ثُلُثَ مَا لِزَيْدٍ) عَلَيَّ (فَلِزَيْدٍ سِتُّمِائَةٍ وَلِعَمْرٍو ثَمَانِمِائَةٍ؛ لِأَنَّ سِتَّمِائَةِ أَلْفٍ إلَّا نِصْفَ ثَمَانِمِائَةٍ وَثَمَانِمِائَةِ أَلْفٍ إلَّا ثُلُثَ سِتُّمِائَةٍ) وَذَكَرَ الْأَصْلُ لِذَلِكَ ثَلَاثَةَ طُرُقٍ أَوَّلُهَا أَنْ تَفْرِضَ لِزَيْدٍ شَيْئًا وَتَقُولَ لِعَمْرٍو أَلْفٌ إلَّا ثُلُثَ شَيْءٍ فَتُسْقِطُ نِصْفَهُ مِنْ أَلْفِ زَيْدٍ يَبْقَى خَمْسُمِائَةٍ وَسُدُسُ شَيْءٍ يَعْدِلُ الشَّيْءَ تُسْقِطُ سُدُسَ شَيْءٍ بِمِثْلِهِ تَبْقَى خَمْسَةُ أَسْدَاسِ شَيْءٍ تَعْدِلُ خَمْسَمِائَةٍ فَالشَّيْءُ سِتُّمِائَةٍ، وَهُوَ مَا لِزَيْدٍ وَلِعَمْرٍو ثَمَانِمِائَةٍ ثَانِيهَا: أَنْ تَفْرِضَ لِزَيْدٍ ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ لِاسْتِثْنَائِهِ الثُّلُثَ مِمَّا لَهُ وَتُسْقِطَ ثُلُثَهَا مِنْ أَلْفِ عَمْرٍو يَصِيرُ أَلْفًا إلَّا شَيْئًا ثُمَّ تُزِيدُ نِصْفَهُ عَلَى مَا فُرِضَ لِزَيْدٍ يَصِيرُ مَعَهُ خَمْسُمِائَةٍ وَشَيْئَانِ وَنِصْفُ شَيْءٍ يَعْدِلُ أَلْفًا فَتَسْقُطُ خَمْسُمِائَةٍ بِمِثْلِهَا تَبْقَى خَمْسُمِائَةٍ تَعْدِلُ شَيْئَيْنِ وَنِصْفَ شَيْءٍ فَالشَّيْءُ مِائَتَانِ فَلِزَيْدٍ سِتُّمِائَةٍ.
وَلَك أَنْ تَقُولَ أَخْذًا مِنْ الطَّرِيقِ السَّابِقِ بَعْدَ قَوْلِهِمْ يَصِيرُ أَلْفًا إلَّا شَيْئًا ثُمَّ تُسْقِطُ نِصْفَهَا خَمْسَمِائَةٍ إلَّا نِصْفَ شَيْءٍ مِنْ أَلْفِ زَيْدٍ يَبْقَى خَمْسُمِائَةٍ وَنِصْفُ شَيْءٍ وَذَلِكَ يَعْدِلُ الْمَفْرُوضَ فَتُسْقِطُ نِصْفَ شَيْءٍ بِمِثْلِهِ يَبْقَى شَيْئَانِ وَنِصْفُ شَيْءٍ يَعْدِلُ خَمْسَمِائَةٍ فَالشَّيْءُ مِائَتَانِ فَلِزَيْدٍ سِتُّمِائَةٍ. ثَالِثُهَا: أَنْ تَضْرِبَ مَخْرَجَ النِّصْفِ فِي مَخْرَجِ الثُّلُثِ يَكُونُ سِتَّةً فَتُنْقِصُ مِنْهَا الْحَاصِلَ مِنْ ضَرْبِ أَحَدِ الْجُزْأَيْنِ فِي الْآخَرِ، وَهُوَ وَاحِدٌ يَبْقَى خَمْسَةٌ تُسَمِّيهَا الْمَقْسُومَ عَلَيْهِ ثُمَّ تَضْرِبُ مَا يَبْقَى مِنْ مَخْرَجِ كُلٍّ بَعْدَ إسْقَاطِ جُزْئِهِ فِي مَخْرَجِ الْآخَرِ فَيَبْقَى مِنْ مَخْرَجِ النِّصْفِ وَاحِدٌ تَضْرِبُهُ فِي ثَلَاثَةٍ بِثَلَاثَةٍ تَضْرِبُهَا فِي الْأَلْفِ تَحْصُلُ ثَلَاثَةُ آلَافٍ تَقْسِمُهَا عَلَى الْخَمْسَةِ يَخْرُجُ سِتُّمِائَةٍ، وَهِيَ مَا لِزَيْدٍ وَيَبْقَى مِنْ مَخْرَجِ الثُّلُثِ اثْنَانِ تَضْرِبُهُمَا فِي مَخْرَجِ النِّصْفِ بِأَرْبَعَةٍ تَضْرِبُهَا فِي الْأَلْفِ تَحْصُلُ أَرْبَعَةُ آلَافٍ تَقْسِمُهَا عَلَى الْخَمْسَةِ تَخْرُجُ ثَمَانِمِائَةٍ، وَهِيَ مَا لِعَمْرٍو (وَإِنْ قَالَ لِزَيْدٍ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا ثُلُثَيْ مَا لِعَمْرٍو) عَلَيَّ (وَلِعَمْرٍو) عَلَيَّ (عَشَرَةٌ إلَّا ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ مَا لِزَيْدٍ) عَلَيَّ (فَلِزَيْدٍ سِتَّةٌ وَثُلُثَا وَاحِدٍ وَلِعَمْرٍو خَمْسَةٌ) .
وَطَرِيقُهُ بِالثَّالِثِ أَنْ تَضْرِبَ الْمَخْرَجَ فِي الْمَخْرَجِ يَكُونُ اثْنَيْ عَشَرَ ثُمَّ تَضْرِبَ أَحَدَ الْجُزْأَيْنِ فِي الْآخَرِ، وَهُوَ اثْنَانِ فِي ثَلَاثَةٍ بِسِتَّةٍ تُسْقِطُهَا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ تَبْقَى سِتَّةٌ ثُمَّ تَضْرِبَ الْبَاقِيَ مِنْ مَخْرَجِ كُلٍّ مِنْهُمَا بَعْدَ إسْقَاطِ بَسْطِهِ مِنْهُ فِي مَخْرَجِ الْآخَرِ فَيَبْقَى مِنْ مَخْرَجِ الثُّلُثِ وَاحِدٌ تَضْرِبُهُ فِي أَرْبَعَةٍ بِأَرْبَعَةٍ تَضْرِبُهَا فِي الْعَشَرَةِ بِأَرْبَعِينَ تَقْسِمُهَا عَلَى السِّتَّةِ يَخْرُجُ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ، وَهِيَ مَا أَقَرَّ بِهِ لِزَيْدٍ ثُمَّ تَضْرِبُ وَاحِدًا، وَهُوَ الْبَاقِي مِنْ مَخْرَجِ الرُّبْعِ فِي ثَلَاثَةٍ بِثَلَاثَةٍ تَضْرِبُهَا فِي الْعَشَرَةِ بِثَلَاثِينَ تَقْسِمُهَا عَلَى السِّتَّةِ يَخْرُجُ خَمْسَةٌ، وَهِيَ مَا أَقَرَّ بِهِ لِعَمْرٍو، وَهَذَا الطَّرِيقُ لَا يَطَّرِدُ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَ الْمَبْلَغُ فِي الْإِقْرَارَيْنِ كَالْمِثَالِ الَّذِي ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ قَالَ لِزَيْدٍ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا نِصْفَ مَا لِعَمْرٍو) عَلَيَّ (وَلِعَمْرٍو) عَلَيَّ (سِتَّةٌ إلَّا رُبْعَ مَا لِزَيْدٍ) عَلَيَّ (فَلِزَيْدٍ ثَمَانِيَةٌ وَلِعَمْرٍو أَرْبَعَةٌ) .
وَطَرِيقُهُ بِالْأَوَّلِ أَنْ تَفْرِضَ لِزَيْدٍ شَيْئًا وَتَقُولَ لِعَمْرٍو سِتَّةٌ إلَّا رُبْعَ شَيْءٍ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
عَلَى الْأَصَحِّ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي الْأَصْلِ، وَهَبْت لَك كَذَا وَخَرَّجْت مِنْهُ إلَيْك فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُقِرًّا بِالْإِقْبَاضِ لِجَوَازِ أَنْ يُرِيدَ الْخُرُوجَ مِنْهُ بِالْهِبَةِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَحَلُّهُ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ الْمُتَّهِبِ فَإِنْ وُجِدَ فِي يَدِهِ فَهُوَ إقْرَارٌ بِالْإِقْبَاضِ عَلَى النَّصِّ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الْقَاصِّ فِي تَلْخِيصِهِ وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ فِي الْهِبَةِ عَنْ النَّصِّ مَا يُوَافِقُهُ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِفَرْعٍ فِي الرَّهْنِ.
(قَوْلُهُ: وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ فِي مَسْأَلَةِ دَعْوَى نِسْيَانِ عَيْنٍ بِقَبُولِ قَوْلِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ فِي تَيْنِكَ) هُمَا نِسَائِي طَوَالِقُ وَكُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمَحْذُورَ مِنْ قَبُولِ قَوْلِهِ إنَّمَا هُوَ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ، وَأَنَّهُ فِي مَسْأَلَةٍ لَاحِقٌ لَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيُحْمَلُ مَا أَطْلَقَهُ الشَّافِعِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute