للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يأتمُّوا به، وبه قال ابن الحسن (١) وسحنون. وقد اختلف في هذا قول مالك في "النوادر" (٢) فرَوَى الوليد بن مسلم عن مالكٌ؛ أنَّه يجوز لهم الائتمام به قيامًا، وبه قال أبو حنيفة (٣)، والشافعيّ (٤)، والأوزاعي.

توجيه:

قال الإمام (٥): وَجْهُ القولِ الأوَّل: أنّ هذا رُكْنٌ من أركان الصّلاة، فلا يصحُّ الائتمام بمن عجز عنه كالقراءة.

ووجه الرِّواية الثّانية: أنَّ النَّبيَّ -عليه السّلام- أَمَّ هو جالسٌ وأبو بكر والمسلمون معه (٦)، يقتدي أبو بكر بصلاة النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم -، ويقتدي النّاس بصلاة أبي بكر.

فإن قلنا برواية الجمهور: فصَلّوا على ذلك، فقد قال مُطَرِّف وابن الماجشُون: تجزئه وعليهم الإعادة أبدًا (٧).

وقوله: "إنَّمَا جُعِلَ الإمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ" هذا يفيد الاقتداء به في كلِّ شيءِ إلَّا ما خَصَّهُ الدليلُ.

المسألة الرّابعة (٨):

اختلف العلماء (٩) فيمن ائْتَمَّ بمأمومٍ: فَرَوَى ابن سحنون عن أبيه؛ أنّه (١٠) إذا استخلفَ الإمامُ مَنْ فاتته ركعة، فَأَتَمَّ بهم الصّلاة، ثمّ قام يقضي، فَأْتَمَّ به من فاتته تلك الرّكعة أنّها تُجزئهم. قال (١١): ثُمَّ رجع فقال: أحبُّ إليّ أنّ يُعِيدُوا. وفي


(١) هو محمد بن الحسن، وانظر روايته للموطَّأ (١٥٧).
(٢) ١/ ٢٦١
(٣) انظر مختصر اختلاف العلماء: ١/ ٢٧٠.
(٤) في الأم: ٢/ ٣٠٨، وانظر: الحاوي الكبير: ٢/ ٣٠٦.
(٥) الكلام موصول للأمام الباجي.
(٦) وهم قيام.
(٧) تتمّة الكلام كما في المنتقى: "ووجه ذلك: أنّ الإمام عجز عن ركن من أركان الصّلاة فلم يجزهم ما ائتمُّوا به فيه في الصّلاة، كما لو كان الإمام أخرسِ. وإذا قلنا برواية الوليد، ففد رُويَ عن مالك أنَّه يستحبّ أنّ يصلّي إلى جنبه من يقتدي به يكون عَلَمًا لصلاته، ووجهُ ذلك: الاقتداء بالنَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - حين صلّى بأناس في آخر حياته وإلى جنبه أبو بكر قائمًا".
(٨) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ١/ ٢٤٠.
(٩) في المنتقى: "أصحاب مالك".
(١٠) في المنتقى: "إنّما".
(١١) القائل هو سحنون.

<<  <  ج: ص:  >  >>