للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأصول (١):

قوله: "يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلاَئِكَة بِاللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ" الحديث، البارىءُ سبحانه محيطٌ بالكلِّ، عالِمٌ بالجميعِ، له الحُجَّةُ البالغةُ الّتي لا يتطرَّقُ إليها اختلالٌ، ولا يتوجَّهُ عليها سؤالٌ، فلو شاء ما قرنَ الملائكة بالخَلْق لكَتْب الأعمال، ولكنّه كما جاء في الحديث؛ إنه قال: "عِبَادِي إنّما هي إعمالكم أُحْصِيهَا عَلَيْكم" (٢) فيوقف كلُّ واحِدٍ (٣) على عَمَلِهِ، فإن أقَرَّ أخذَ به (٤)، وإن أنكرَ شهِدَتْ عليه كلّ جارحةٍ على نفسها، وذلك قوله تعالى: {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ} الآية إلى قوله: {تَعْمَلُونَ} (٥).

الفوائد المنثورة في هذا الحديث:

وهي عشر فوائد:

الفائدة الأولى (٦):

قوله: "يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ" خَلَقَ البارىءُ تعالى الأَزْمِنَة كما قدَّمنا سواء، وفَضَّلَ بعضها على بعضٍ بما شاء، حسب ما (٧) تقدَّمَ بيانُه. فمن فضائل النهار: تعاقب الملائكة ونزولهم بالأَمْرِ. ومن فضائل اللّيل: نزولُ الرَّبِّ إلى السّماء الدُّنْيَا، على ما يأتي بيانُه في حديث النُّزُولِ إنّ شاء الله.

الفائدة الثّانية (٨):

قال علماؤنا (٩): فيه من الفقه شهودُ الملائكةِ للصّلوات، والاظهرُ أنّ ذلك في الجماعات. ويحتملُ الحديثُ الجماعات وغيرها.


(١) انظر كلامه في الأصول في القبس: ١/ ٣٦٣.
(٢) أخرجه مسلم (٢٥٧٧) من حديث أبي ذرٍّ.
(٣) ف: "أحد".
(٤) ف: "أخذه" ج: "أخذ" والمثبت من القبس.
(٥) فصلت: ٢٢.
(٦) انظرها في القبس: ١/ ٣٦٤.
(٧) في النسختين: "والساعات كما" والمثبت من القبس.
(٨) هذه الفائدة مقتبسة من الاستذكار: ٦/ ٣٢١.
(٩) المقصود هو الإمام ابن عبد البرّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>