للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويصدّن (١) على الحقِّ، ولقوله: "إنّ منهُنَّ مائلاتٍ عن الحقِّ مُمِيلاَتٍ لأزواجِهِنَّ" (٢) وقال: "ما تركتُ بعدِي فتنةً أَضَرَّ على الرّجالِ من النِّساءِ" (٣) وخرجَ كلامُهُ هذا منه - صلّى الله عليه وسلم - على جهةِ الغَضَبِ على أزواجه وهُنَّ فاضلاتٌ، وإنّما أراد جِنْسَ النِّساء غيرهنَّ. وقد رُوِيَ في غير هذا الحديث في النِّساء: "هُنَّ صواحِبُ يوسُفَ، ودَاوُدَ، وجُرَيْج" (٤) أراد به الفتنة والامتحان (٥).

الفائدةُ التّاسعة:

قولُ حفصة لعائشة: "ما كنتُ لأُصِيبَ مِنْكِ خَيَرًا": فيه ما يدلُّ على ضِيقِ صُدورهنَّ (٦)، ولأنّها هي الّتي تكلّمت فظنّت أنَّه قد غضب عليها وحدها.

وروي (٧) عن ابن عمر عن عائشة أنّها قالت: "واللهِ ما كان مراجعتي للنّبيِّ إذ قال: مُرُوا أبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بالنّاسِ إلَّا كَرَاهِيَّةَ أنّ يتشاءَمَ النَّاسُ بأَوَّلِ رَجُلٍ يقومُ مقامَ رسولِ الله - صلّى الله عليه وسلم -، فيكونُ ذلك الرَّجُلُ أَبِي" (٨).

الفائدةُ العاشرة (٩):

قالت (١٠): "فوجد رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - في نفسه خِفَّةً، فخرجَ فهذا أبو بكرِ يؤُمُّ النَّاسَ، فلمّا رآه أبو بكرٍ اسْتأخَرَ، فأَوْمَأَ إليه أَنْ كما أنتَ، فجلسَ رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم - حِذَاءَ أبي بَكرٍ إلى جَنْبِهِ، فكانَ أبو بكرٍ يصلِّي بصلاةِ رسولِ الله - صلّى الله عليه وسلم -، والنّاسُ يصلُّونَ بصلاةِ أبِي بكرٍ".

قال علماؤنا (١١): سُنَّةُ الإمامِ تقديم الإمام وتأخير النّاس عنه، ولا يجوز أن يكون أحدٌ مع الإمام في صَفٍّ واحدٍ إلَّا في موضعينِ:


(١) في الاستذكار: "ويصدون".
(٢) لم نجده بهذا اللفظ، وأورده ابن عبد البرّ في التمهيد: ١٣/ ٢٠٤ على سبيل الشرح لحديث الموطّأ (٢٦٥٢) رواية يحيى.
(٣) أخرجه البخاريّ (٥٠٩٦)، ومسلم (٢٧٤٠) من حديث أسامة بن زيد.
(٤) لم نقف على من أخرجه.
(٥) هذا التفسير من إضافات المؤلِّف على نصّ الاستذكار.
(٦) قاله ابن عد البرّ في الاستذكار: ٦/ ٣٣١.
(٧) هذه الفقرة مقتبسة من الاستذكار: ٦/ ٣٣٢.
(٨) أخرجه -مع اختلاف في الألفاظ- مسلم (٤١٨).
(٩) هذه الفائدة مقتبسة من شرح البخاريّ لابن بطّال: ٢/ ٣٠١.
(١٠) القائلة هي أمّ المؤمنين عائشة في حديث الموطّأ (٣٦٠) رواية يحيى، والبخاري (٦٨٣)، ومسلم (٤١٨).
(١١) المقصود هو الإمام ابن بطّال.

<<  <  ج: ص:  >  >>