للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

علماؤنا (١): في هذا دليلٌ على أنّ مِنَ الصّلوات ما حُكمُه الجَهْر.

ودليلٌ على (٢) أنّ البكاء لا يقطعُ الصَّلاةَ، إذا كان ذلك من خوفِ الله، أو على المصيبة في دِين الله، وقد رَوَى مُطَرِّف بن الشَّخير، عن أبيه، قال: رأيتُ (٣) رسولَ الله - صلّى الله عليه وسلم - وهو يُصَلَّي ولجَوْفهِ أَزِيرٌ كَأَزِيرِ المِرْجَلِ منَ البُكَاءِ (٤).

فرع:

واختلفَ العلماءُ في الأنِين والتأَوُّهِ (٥) على ثلاثة أقوال:

القول الأوّل - قال ابنُ المبارك: إنّ كان غالبًا فلا بأْسَ به.

والثّاني - قال الشّافعيّ وأبو ثور: لا بأس به إلَّا أنّ يكون كلامًا مفهومًا.

الثّالث - قالت طائفةٌ: يعيدُ الصلاةَ، هذا قول النَّخَعِي والكوفيَّينَ (٦).

الفائدةُ السّابعةُ (٧):

قول عائشة لحفصة: "إنّ أبا بكرٍ رجلٌ أَسِيفٌ" قال الهرويُّ (٨): يعني أنّه سريع الحُزن والعِبْرَةِ والبُكاء، وهو الأسِفُ أيضًا، والأسف في غير هذا المعنى (٩)، وأمّا الأسِفُ فهو الغضبان، وعليه ينطلقُ قوله تعالى: {فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا} (١٠).

الفائدةُ الثّامنةُ:

قولُه: "إنكنَّ لانتُنَّ صواحبُ يُوسُفَ" يريدُ: إنّكُنَّ فتنتنَّ يوسُف وصددتنّه عن الحقِّ (١١)؛ لأنّكنَّ سببٌ لاتَّباع الهَوى. وإنّهنَّ (١٢) لم يَزَلْنَ يَدعونَ إلى الباطل،


(١) المقصود هو الإمام الباجي.
(٢) في النُّسختين: "ثان" والمثبت من المنتقى.
(٣) في التمهيد والمصادر: "أتيتُ".
(٤) أخرجه ابن المبارك في الزهد (١٠٩)، ومن طريقه النّسائي في الكبرى (٥٤٤)، والبيهقي: ٢/ ٢٥١.
(٥) ذكر ابن عبد البرّ في التمهيد: ١٤/ ١٥٧ إجماع العلماء على كراهية الأنين والتّأوُّه في الصَّلاة.
(٦) راجع التمهيد: ٢٢/ ١٣٤.
(٧) نرجّح أنّ يكون المؤلِّف قد استفاد هذه الفائدة من المعلم للمازري: ١/ ٢٦٦.
(٨) في غريب الحديث: ١/ ١٥٩ - ١٦٠. وانظر تفسير الموطّأ للبوني: ٣٤/ أ.
(٩) ف: "العبر".
(١٠) طه: ٨٦.
(١١) الكلام السابق مقتبسٌ من التمهيد: ٢٢/ ١٣٣.
(١٢) من هنا إلى آخر المسألة مفتبس من الاستذكار: ٦/ ٣٣٠ - ٣٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>