للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأيضًا: فإنّ أبا بَكرٍ انعزل، ولم يكن شيءٌ من ذلك لعبد الرّحمن، ولا عرفَ النّاسُ يكون النَّبيّ (١) معهم، وكانت (٢) نفوسُهُم واثقةٌ بصِحَّتِهِ، فصفَّقُوا عند مَرَضِه ولم يصفّقوا عند صلاته وراء عبد الرّحمن لهذا الوجه (٣)، واللهُ أعلمُ.

حديث مالكٌ (٤)، عن ابن شهاب، عن عطاء بن يزيد، عن عُبَيد الله (٥) بن عَديّ؛ أنّه قال: بَينَما رَسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم - جالسٌ بَيْنَ ظَهْرَانَي النَّاسِ، إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَسَارَّهُ، فَلَمْ يُدْرَ مَا سَارَّه به (٦)، حَتى جَهَرَ رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم -، فَإِذَا هُوَ يَستأذِنْهُ في قَتْلِ رَجُلٍ مِنَ المُنَافِقِينَ، فَقَالَ رسولُ الله حينَ جَهَرَ: "أليسَ يَشْهَد أنّ لاَ إِله إلَّا اللهَ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله؟ " فَقَالَ الرَّجُلُ: بَلَى! وَلاَ شَهَادَةَ لهُ. قَال: "أَلَيْسَ يُصَلِّي؟ " قَالَ: بَلَى، وَلَا صلاَةَ لَهُ. فَقَالَ رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم -: "أُولَئِكَ الّذِينَ نَهَانِي اللهُ عَن قَتْلِهِم" (٧).

الإسناد:

قال الإمام: هذا حديثٌ صحيحٌ حَسَنٌ في البابِ (٨).

فقال أهل الحديث: إنّ الرَّجُلَ المنافِقَ هو مالكٌ بن الدُّخْشُم بن غنم (٩)، شهد بدرًا وتخلَّفَ في شُهُودِ العَقَبَةِ.

الفوائد المنثورة في هذا الحديث:

وهي خمس فوائد:


(١) - صلّى الله عليه وسلم -
(٢) ج: "وكان النّاس".
(٣) ج: " لهذه الوجوه".
(٤) في الموطّأ (٤٧٤) رواية يحيى.
(٥) ف: "عبد الله"، ج: "عبد الرّحمن" والمثبت من الموطّأ.
(٦) "به" زيادة من الموطّأ.
(٧) في الموطّأ: "نهاني الله عنهم".
(٨) يقول ابن عبد البرّ في التمهيد: ١٠/ ١٥٠ "هكذا رواه سائر رواة الموطّأ عن مالكٌ، إلَّا روح بن عبادة فإنه رواه عن مالك متصلًا مُسْنَدًا" قلنا: انظر من وصله من أصحاب مالك، ومن أسنده من أصحاب ابن شهاب في الكتاب المذكور.
(٩) انظر أخباره في طبقات ابن سعد: ٣/ ٥٤٩، والاستيعاب: ٨/ ١٣٥٠، قال ابن عبد البرّ: "لم يختلفوا أنّه شهد بدرًا وما بعدها من المشاهد ... وكان يُتَّهَمُ بالنّفاق، وهو الّذي أسرّ فيه الرَّجُلُ إلى رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - ... لا يصحُّ عنه النفاق، وقد ظهر من حسن إسلامه ما بمنع من اتِّهامه، والله أعلم"، وانظر المنتقى: ١/ ٣٠٦، وغوامض الأسماء المبهمة لابن بشكوال: ٦/ ٢٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>