للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أنّ ينسخه غيره، ومالك عندهم ثقةٌ حُجَّةٌ فيما نَقَلَ، وقد أَسْنَدَ حديثه هذا جماعةٌ الثّوريُّ (١) وغيرُه (٢).

الأصول (٣):

قوله: "اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَل قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ" قاله -عليه السّلام- تواضُعًا والتزامًا للعبودية، وإقرارًا لله بالعبادة، وكراهية أنّ يُشرِكه أحدٌ في عبادته.

وقوله: "اشتَدَّ غَضَبُ اللهِ عَلَى قَوْمٍ اتَّخَذُوا" الحديث. قال علماؤنا من أهل الأصول: غضَبُ الرَّبِّ سبحانه على قسمين:

إمّا يرجع إلى إرادة العقاب، فذلك صفةٌ من صفاته لا تتغيَّر ولا تحول.

والقسم الثّاني من الغضب: ما يرجعُ إلى الفعل من العقاب وغير ذلك.

الفوائد المنثورة في هذا الحديث ثلاث فوائد:

الفائدة الأولى (٤):

قال علماؤنا (٥): إنّما منع من أنّ يصلِّى إلى قبره، فسائر آثاره (٦) أحْرَى بذلك. وقد كره (٧) مالك وغيره من أهل العلم طلب (٨) موضِع الشَّجَرةِ الّتي بُويِعَ تحتها رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - بَيعَةَ الرِّضوانِ، وأنَّ ذلك - والله أعلم- مخافة لئلّا يتّخذ موضع عبادة كما فعلتِ اليهودُ والنّصارى في مثل هذا.

الفائدة الثّانية (٩):

قوله: "وَثَنًا يُعْبَد" الوَثَنُ هو الصَّنَمُ، يقول: "اللهُمَّ لاَ تَجْعَل قَبْرِي" صَنَمًا يُصَلَّى


(١) أخرجه أحمد (٧٣٥٨ ط، الرسالة) والحميدي (١٠٢٥) وأبو يعلى (٦٦٨١) كلهم من طريق الثّوريّ.
(٢) انظر أحاديثهم في التمهد: ٥/ ٤٢ - ٤٤.
(٣) الفقرة الأولى من كلامه في الأصول مقتبسة من المنتقى: ١/ ٣٠٦.
(٤) هذه الفائدة مقتبسة من الاستذكار: ٦/ ٣٣٩ - ٣٤٠ بتصرُّف.
(٥) المقصود هو الإمام ابن عبد البرّ.
(٦) الّذي في الاستذكار: "وليس فيه حُكْمٌ كثرَ من التّحذير أنّ يصلّى إلى قبره، وأن يتّخذ مسجدًا، وفي ذلك أمرٌ بأن لا يعبد إلّا الله وَحْدَهُ، وإذا صنع من ذلك في قبره، فسائر آثاره".
(٧) ف، ج: "ذكر" والمثبت من الاستذكار.
(٨) ف، ج: "أنّه طلب" والمثبت من الاستذكار.
(٩) ما عدا السَّطر الأخير من هذه الفائدة مقتبسٌ من التمهيد: ٥/ ٤٥ - ٤٦ بتَصرُّفٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>