للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إليه ويُعْبَد "اِشتَدَّ غَضَبُ اللهِ" على مَنْ فعلَ ذلكَ. وروى ابن سَنْجَر (١) في حديث عن عائشة؛ أنَّ ناسًا تَذَاكرُوا (٢) عنده في مَرَضِهِ كنيسة رأوها (٣) في أرضِ الحَبَشَة، فقال رسولُ الله: "أُولئكَ قومٌ إذا ماتَ الرَّجُلُ الصّالحُ عندهم، بَنَوا على قبره مسجدًا، ثم صوَّرُوا فيه تلك الصُّورة، أُولئكَ شرُّ الخَلْقِ عندَ اللهِ" (٤).

وذكر ابنُ إسحاق أيضًا (٥)، عن عائشة؛ أنّها قالت: قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - في مَرَضِهِ الّذي لم يقم منه: "لَعَنَ اللهُ اليهودَ والنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبورَ أنبيائهم مساجد"، ثمّ قالت: ولولا ذلك لأبرزَ قبره غير أنّه خَشِيَ عليه أنّ يُتَّخَذَ مسجدًا (٦).

وقوله: "اشْتَدَّ غَضَبُ اللهِ" يريد عذابه.

الفقه في مسألتين:

المسألة الأولى (٧):

أمّا الصّلاة في مقابر المسلمين فغيرُ منهيٍّ عنها، قال مالكٌ في "العُتبِيّة" (٨): لا بَأسَ بها في المقابر الّتي قد دريسَت وغيّرت (٩). وقال: إنمّا هي مثل غيرها من الأرضِين. وهذا مبنيٌّ على أنَّ المؤمنَ الميِّتَ لا ينجسُ بالموتِ.

المسألة الثّانية (١٠):

أمّا مقابرُ المشركينَ، فقد نصَّ ابن أبي زَيدٍ على المنعِ من ذلك؛ لأنّها حُقرَةٌ من حُفَرِ النَّارِ (١١).


(١) هو الحافظ المسند محمّد بن عبد الله الجرجاني (ت. ٢٥٨) انظر أخباره في تاريخ جرجان (٦٣٣)
وسَير أعلام النبلاء: ١٢/ ٤٨٦، والحديث المشار إليه رواه البخاريّ (٤٢٧) ومسلم (٥٢٨).
(٢) في التمهيد: "أنّ نساء النَّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - تذاكرن".
(٣) ف: "رأنّها".
(٤) أخرجه البخاريّ (٤٢٧)، ومسلم (٥٢٨).
(٥) كما في سيرة ابن هشام: ٤/ ٣١٥.
(٦) أخرجه ابن أبي شيبة (٧٥٤٧)، والبخاري (١٣٣٠)، ومسلم (٥٢٩).
(٧) هذه المسألة مقتبسة من المننقى: ١/ ٣٠٧.
(٨) ١٨/ ١٣١ في الصَّلاة في المقبرة.
(٩) ت: "وغيرها".
(١٠) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ١/ ٣٠٧.
(١١) هذا التعليل من إضافات المؤلِّف على نَصِّ المنتقى.

<<  <  ج: ص:  >  >>