للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الفائدة الخامسة (١):

فيه من الفقه: التَّبَرُّك بالمواضِعِ الّتي صلّى فيها النّبي - صلّى الله عليه وسلم - ووطئها وقام عليها.

تنبيه على مقصد (٢):

قال الإمام: أدخل مالك هذا الحديث بإثرِ الّذي قَبْلَهُ -والله أعلم- ليُبَيِّنَ لك أنّ معنى هذا الحديث مخالفٌ للّذي قَبْلَهُ. والاقتداءُ بأفعالِ النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - وأخلاقِهِ، والإيمانُ والتّصديقُ والحبُّ في دِينِ الله (٣)، وما كان عليه رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - من حُسْنِ الخلق وجَمِيل الأَدَبِ في إجابةِ كلل من دَعَاهُ إلى ما دُعِيَ (٤) إليه ما لم يكن إِثْمًا.

حديث مالكٌ (٥) عن ابن شهاب، عن عَبَّادِ بنِ تَمِيمٍ، عن عَمِّه؛ أنّه رأى رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - مُسّتَلْقِيًا في المسْجِدِ، واضِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الأُخْرَى.

تنبيهٌ على وَهْمٍ (٦):

قال الإمام: اعلم أنّ السَّبَبَ المُوجِبَ لإدخال مالك هذا الحديث في "موطّئه" للخلاف الّذي روى النَّاس في ذلك. ومِنَ النّهيِ عن مِثل هذا المعنى، ما روى جابر، قال: "نَهَى رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم - أَن يضعَ الرَّجُلُ إِحْدَى رِجلَيهِ على الأخْرَى وهُوَ مُسْتَلقٍ على ظَهْره" (٧) وهذا حديثٌ لم يَرْوِهِ أهل المدينة، والعمل عندَهُ بخلاف هذا. ثمَّ أَرْدَفَة في "موطّئه" (٨) بما رواهُ ابنُ شهابِ عن ابن المسيِّب؛ أنّ أبا بَكْرٍ وعمر (٩) كانَا يفعلانِ ذلك.

فكأنه ذهب إلى أنّ نهيَهُ عن ذلك منسوخٌ بفِعْلِهِ، واستدلَّ على نسْخِهِ بفعلِ الخَلِيفَتَين بعدَة، وهما ممّا لا يَخْفَى عليهما النَّسْخ في ذلك وغيره من المنسوخِ في سائر سُنَنِهِ (١٠) - صلّى الله عليه وسلم -.


(١) هذه الفائدة مقتبسة من الاستذكار: ٦/ ٣٤٣، وتحتاج هذه الفائدة إلى نظر.
(٢) هذا التنبيه مقتبس من المصدر السابق.
(٣) في الاستذكار: "والتبرك والتّأسِّي بأفعال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - إيمانٌ وتصديقٌ وحبُّ في الله ورسوله" وهي أسدّ.
(٤) في الاستذكار: "دعاء".
(٥) في الموطّأ (٤٧٧) رواية يحيى.
(٦) هذا التنبيه مقتبسٌ من الاستذكار: ٦/ ٣٤٤ بتصرُّف.
(٧) أخرجه مسلم (٢٠٩٩).
(٨) الحديث (٤٧٨) رواية يحيى.
(٩) في الموطّأ: "أنّ عمر بن الخطّاب وعثمان" وهو الصّواب.
(١٠) في النّسخين: "سنّته" والمثبت من الاستذكار.

<<  <  ج: ص:  >  >>