للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نكتةٌ أصولية (١):

قال الإمام: وأقلُّ (٢) أحوالِ الأحاديث المتعارضة في هذا الباب أنّ تكون متعارضة، فتسقطُ وترجع إلى أصلٍ، والأصلُ الإباحة حتّى يردّ الحَظْر، ولا يثبتُ حُكمٌ على مسلمٍ إلَّا بدليل لا معارِضَ له.

حديث مالك (٣) عن يحيى بن سعيد؛ أنّ ابنَ مسعودٍ، قال لإنسانٍ: إنَّكَ في زمانٍ كثيرٌ فقهاؤُهُ الحديث.

الإسناد (٤):

قال الإمام: قد رُوِيَ عن ابنِ مسعود من وجوه متَّصلَةٍ متواترةٍ حِسَانٍ (٥).

الفوائد المنثورة في هذا الحديث:

وهي خمس فوائد:

الفائدة الأولى (٦):

قول ابن مسعود في ذلك: "إنَّك في زَمَانٍ (٧) كثيرٌ فُقهاؤُهُ قليلٌ قرِّاؤُهُ" إنّه لم يُرِد بذلك أنّ مَنْ يقرأ القرآنَ كان قليلًا في زمانه، وإنّما أراد أنّ من يقرأ القرآن فيكون حظّه منه قراءته دون الفقه فيه قليل؛ لأنّ ابنَ مسعود إنّما قصدَ مدحَ الزَّمانِ الّذي كان فيه، وهو عصرُ الصّحابةِ وهو القرنُ الممدوح، فأَثّنَى عليهم لكثرة (٨) العلماء والفقهاء. وجلّ فقه أهل ذلك العصر إنّما كان من القرآن والاستنباط منه، الّذي قال الله فيهم: {لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} (٩) ولم يكونوا أهلَ ديوانٍ، ولا صنّفوهُ في القراطيس، وإنّما كان عِلْمُهُم في صدورهم، واستنباطُهُم من محفُوظِهِم، ومحالٌ أنّ


(١) هذه النكتة مقتبسة من الاستذكار: ٦/ ٣٤٥.
(٢) في النُّسختين: "وأصلُ" والمثبت من الاستذكار، وهو الوارد في شرح الزّرقاني: ١/ ٣٥٣.
(٣) في الموطّأ (٤٧٩) رواية يحيي.
(٤) كلامه في الإسناد مقتبسٌ من الاستذكار: ٦/ ٣٤٥.
(٥) في النّسختين: "حسانٍ فيه، والمثبت من الاستذكار.
(٦) هذه الفائدة مقتبسة من المنتقى: ١/ ٣٠٨ بتصرُّف.
(٧) ف: "زمن".
(٨) في المنتقى: "بكثرة" وهي أسدّ.
(٩) النّساء: ٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>