للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الفائدة الثّانية (١):

قال علماؤنا (٢): العزمُ على العمل الصّالح ممّا يُثَابُ عليه.

والثّاني: أنّ العملَ الّذي يداومُ عليه هو المشروعُ، وأمّا ما توغّلَ فيه بعنفٍ ثمّ قطعَ (٣)، فإنه غير مشروعٍ.

الفائدة الثّالثة:

قال الشّيخ أبو عمر (٤): "معنى هذا الحديثِ مفهومٌ؛ لأنّ العملَ الدّائمَ يتَّصِلُ أَجْرُهُ وحَسَنَاتُه، وما انقطعَ منَ العملِ انقطعَ أَجْرُهُ".

الفائدة الرّابعة (٥):

فيه من الفقه دليلٌ على أنّ اللهَ يحبُّ الرِّفْقَ في الأمور كلِّها ويرضَاهُ، ولا يَرْضَى العُنْفَ، وقد مَضَى القولُ على معنى هذا الحديث في حديث الحَوْلاَء بنت تُوَيْتٍ في باب صلاة اللّيل، فليُنْظر هناك.

حديث مالكٌ (٦)؛ أنّه بَلَغَهُ عن عامر بن سعد بن أبي وقّاص، عن أبيه؛ قال: كانَ رَجُلاَنِ أَخَوَانِ، فَهَلَكَ أَحَدُهُمَا قبلَ أنّ يَهْلَكَ الآخَر بأربعينَ لَيْلَةً، فَذُكِرَتْ فَضِيلَةُ الأوَّلِ عند رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -، فقال: "ألم يَكُنِ الآخَرُ مُسْلِمًا"؟ قالوا: بلى يا رسولَ، وكان لا بأس به. فقال رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم -: "وما يُدْرِيكم اْين (٧) بَلَغَت به صَلاَتهُ؟ إنَّما مَثَلُ الصَّلاةِ كمَثَلِ نَهْرٍ عَذبٍ غَمْرٍ بِبَابٍ أَحَدِكُمْ، يَقتحِمُ فيه كلَّ يومٍ خَمْسَ- مَرَّاتٍ، أتَرَوْنَ ذلك يُبْقِي مِنْ دَررَنِهِ؟ فإنّكم لا تَدْرُونَ ما بَلَغَتْ به صَلاَتُهُ".

الإسناد:

قال الشّيخ أبو عمر (٨): "قصّةُ الأَخَوَين لا يعلمها أهل العلم بالحديث من


(١) هذه الفائدة مقتبسة من المنتقى: ١/ ٣١٠.
(٢) المقصود هو الإمام الباجي.
(٣) في النسختين: "ما يوغل فيه بعمل عنف [ج: بزيادة: فيه] ثم يقطع" والمثبت من المنتقى.
(٤) في التمهيد: ٢٢/ ١٢٠.
(٥) هذه الفائدة مقتبسة من المصدر السابق.
(٦) في الموطّأ (٤٨٢) رواية يحيى.
(٧) في الموطّأ: "ما".
(٨) في الاستذكار: ٦/ ٣٥٠ - ٣٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>