للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطرق عن غير مالك موافقة لا خرّجها به مالك مُرْسَلَة أو موقوفة، فكان ذلك آية توثيق وحُجّة تزكية زائدة لحديث مالك عند أهل الصّحيح، بحيث أن كلّ ما ورد في "الموطَّأ" مُرْسَلًا أو موقوفًا قد ثبت مسندًا عند أهل الصحيح، إلَّا أربعة أحاديث معروفة.

وأما المدارك الاجتهاديّة المتّفَق عليها، فهي الَّتي يقول مالك فيها: "الأمر الَّذي أدركتُ عليه أهل العلم ببلدنا" ويقول: "الأمر المجتمع عليه عندنا".

وأما السُّنَن العمليّة المأثورة، فهي الَّتي يقول فيها: "الأمرُ عندنا".

وأمّا اجتهاداته الشخصيّة، فهي الَّتي يقول فيها: "فيما نرى والله أعلم".

وقد حَمَلَه جمعهُ لهذه الفنون من العلم على اختلافها، أن يسلك بينها مسلك الترجيح الَّذي لا يعتمدُ على سلامة الإسناد وثِقَةِ الرُّواة وإتقانهم فحَسْب؛ بل يتعدّى ذلك إلى النّظَر في المعاني والاجتهاد في الأقْيسَة والاستحسانات، حتّى ينتهي به ذلك إلى أن يروي الأحاديث مُسْنَدة من أوثق السلاسل عنده، وهي السِّلسلة المشهورة عند علماء الحديث بسلسلة الذَّهَب (١): مالك، عن نافع، عن عبد الله بن عمر، فيخرج بها حديث: المتبايعانِ كلّ واحد منهُما بالخيار على صاحبه ما لم يتفَرَّقا، إلّا بيعَ الخِيَار" (٢) ثم يقول عقبة: "وليس لهذا عندنا حدٌّ معروف، ولا أمر معمول به فيه" فيبقى


(١) انظر تدريب الراوي للسيوطي: ١/ ٧٩ - ٨٣.
(٢) موطّأ يبيح (١٩٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>