للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واللّيل معًا، فتقول: سرتُ ثلاثين ليلة، تريد بنهارها. وقال أنس: "صُمنَا مَعَ النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - خَمْسًا" (١) معناه: أيّامًا، والقولُ فيه طويلٌ، وهذا القَدْرُ فيه كافٍ للَّبِيبِ.

الخامس: قوله: "إِلاَّ أنّ تَطَّوَّعَ" يريد: تتنفَّل من الطّاعة، والطّاعةُ متعلّق الأمر، وهذا يدلُّ على أنّ المندوب مأمور به، وهي مسألة أصوليّة بيانُها في موضعها.

السّادس: قوله: "أَفْلَحَ" الفلاحُ عند العرب هو البقاء؛ لأنَّ الصّلاةَ لمّا كانت هي الّتي تُوَرِّثُ بقاءَ للأَبَدِ، سُمِّيت به من باب تسمية الشّيء باسم فائدته، وهو أحد قسمي المجاز الّذي لا ثالثَ لهما.

الأصول.

فيه ثلاث مسائل:

المسألةُ الأولى:

سكوتُ النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - لهذا الأعرابىّ عن ذِكْرِ التّوحيد؛ لأنّه فهم منه قَبُوله والاعتقاد به (٢) حين سأله عن شرائعه، ولو كان ابتداء التّعليم (٣) لبَدَأَهُ بالمبادىء والأوائل كما فعل بغيره - صلّى الله عليه وسلم -.

المسألةُ الثّانية:

أراد بقوله - صلّى الله عليه وسلم -: "الإسْلَام" الدِّين ها هنا، وهي جُمْلَةُ الطّاعات الّتي شهِدَ الله تبارك وتعالى أنّها الدِّين. و"الإسلام" على قراءة من فتح الهمزة والّتي أخبر على قراءة من كسرها (٤)، وهو المراد بقوله: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} (٥) يعني: شرائع الإسلام على أحد الأقوال.

المسألة الثّالثة:

كان هذا الأعرابى قد عرف الصّلاةَ ولم يعرف الوُجُوب، وكذلك سائر الأركان الّتي ذكر له أو سمعها واعتقد وُجُوبها ولم يعلم الكيفيّة، فأرجا له النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - بيان الكيفيّة إلى وقت الحاجة، فإذ حَلَّ لم يعدم معلِّمًا.


(١) لم نقف عليه.
(٢) جـ: "له".
(٣) جـ: "العلم".
(٤) كذا في النسختين ولم نتبين المعنى.
(٥) المائدة: ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>