للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الإمام أبو بكر بن العربي (١): والصحيحُ ليست في صلاة الكسوف خُطْبَة، وإنّما فيها كلامٌ بحسب الحالِ، وأفضله ما قال النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - لما فرغ من الصّلاة، وذلك قولُه: "إنّ الشَّمس والقَمَرَ آيتان من آيات الله" (٢). وهو كلامٌ له بالٌ.

المسألة السّابعة (٣):

اختلف العلماءُ في صلاة كسوف القمر، فقال مالكٌ وأبو حنيفة (٤): لا يجمع فيها، ولكن يصلّي النّاس أفرادًا (٥) ركعتين ركعتين.

والحُجَّةُ لهم من قوله: "صلاةُ المرءِ في بَيتِهِ أفضل إلَّا المكتوبة" (٦) وخصَّ صلاة كسوف الشّمس بالجَمْعِ بدَلِيلِها وما ورد التّوقيف فيها، وبقيت صلاة كسوف القَمَر على حالها وما عليه النّوافل.

وقال اللَّيث وعبد العزيز بن أبي سَلَمة: لا يجمعُ لها، ولكن الصّلاة فيها كهيئة الصّلاة في كسوف الشّمس. وقال: ذلك قولُ النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم -: "إِذَا رَأَيتُمْ ذَلِكَ فَافْزَعُوا إلى الصّلاة" (٧).

وقال الشّافعيّ (٨) وأحمد والطّبري وسائر أهل الحديث: الصلاةُ في القَمَرِ (٩) كما في الشّمس سواء، وهو قولُ الحسن وعَطَاء.

وحجتهم في ذلك قوله: "إنَّ الشَّمس والقَمَرَ" الحديث؛ لأنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - جَمَعَ بينهما في الذِّكْر.

قال أبو عمر بن عبد البرّ (١٠): "قد رُوِيَ عن ابن عبّاس وعثمان أنّهما صلَّيَا في


(١) انظر هذه الفقرة في القبس: ١/ ٣٨٠.
(٢) أخرجه مالكٌ في الموطَّأ (٥٠٧) رواية يحيى.
(٣) هذه المسألة مقتبسة من الاستذكار: ٧/ ١٠٦ - ١٠٧.
(٤) انظر مختصر الطحاوي: ٣٩، ومختصر اختلاف العلماء: ١/ ٣٨٢.
(٥) ف، جـ: "أفذاذا" والمثبت من الاستذكار.
(٦) أخرجه البخاريّ (٦١١٣)، ومسلم (٢١٣) من حديث زيد بن ثابت.
(٧) أخرجه البخاريّ (١٠٥٩)، ومسلم (٢ أو) من حديث أبي موسى بلفظ: "فافزعوا إلى ذِكْرهِ".
(٨) في الأم: ٣/ ٢٦٨، وانظر الحاوي الكبير: ٢/ ٥١٠.
(٩) أي في كسوف القمر.
(١٠) في الاستذكار: ٧/ ١٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>