للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الثّانية (١):

قال علماؤنا: الخروج عندنا للاستسقاء سُنَّةٌ، والصَّلاةُ والخُطْبَةُ وتحويلُ الرَّداء.

وقال أبو حنيفة: هي بدعةٌ (٢).

وما قلناه أصحّ؛ لأنّ النّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - ثبت ذلك عنه مرارًا. أمّا أنّ أبا حنيفة له تعلُّقٌ بأنّه قد اسْتَسْقى في المسجد، ولو كان سُنَّة لما كان إلَّا بروزًا كالعيد (٣).

قلنا: استسقاؤُهُ في المسجدِ يحتملُ أنّ يكون قبلَ خروجه وخُطْبَتِهِ وصلاته ويحتملُ أنّ يكون بَعد، فلا تُتْرَكُ السُّنَّة بالاحتمال.

ويحتمل أنّ يكون ذلك دعاءًا مطلقًا في المسجدِ، ويكون هذا خروجًا مقصودًا (٤) للسُّنًّة.

المسألة الثّالثة (٥):

قال أبو جعفر محمّد بن عليّ: استسقَى رسولُ الله وحوَّلَ رِدَاءَهُ ليتحوَّلَ القَحْطُ.

قال الإمام: هذه إشارةٌ بَيْنَهُ وبينَ ربِّه لا على طريق الفَأْلِ، فإن من شَرْط الفَأْلِ أنّ (٦) لا يكون بقصدٍ، وإنّما قيل له: حَوِّل رِدَاءَكَ فيتحوَّل حالك.

فإن قيل؟ فَلَعَلَّ سَقَطَ رداؤه فَرَدَّهُ، فكان ذلك اتِّفاقًا.

قلنا: الرَّاوي الشّاهد للحال أعْرَف، وقد قَرنَهُ بالصّلاة (٧) والخُطبَة والدُّعاء، فَدَلَّ (٨) على أنّه من السُّنَّةِ، وهو جَهْلٌ عظيمٌ أنّ يفسّر الفِعل مَنْ لم يشاهده بِخلافِ تفسير من شَاهَدَهُ.

قال الإمام: والّذي حكاهُ النَّاس من تحويل الرِّدَاءِ إنّما هو على معنى التّفاؤل، والانتقال من حال الجِذْبِ إلى حال الخِصْبِ، وكان النّبيُّ -عليه السّلام- يحبُّ الفَأل الحَسَنُ. فالحُجَّةُ ما قدَّمناهُ، من أنّ ذلك لم يكن للفَأْل؛ لأنّ من شَرْطِ الفَاْلِ ألَّا


(١) انظرها في العارضة: ٣/ ٣٢ - ٣٣.
(٢) انظر كتاب الأصل: ١/ ٤٤٧، ومختصر الطحاوي: ٣٩، ومختصر اختلاف العلماء: ١/ ٣٨٣.
(٣) في العارضة: " إلَّا ببروز أبدًا كالعيد".
(٤) في العارضة: "مطلقًا".
(٥) انظرها في العارضة: ٣/ ٣٣.
(٦) "أن" زيادة من العارضة.
(٧) جـ: " ... أعرف بالتّحوُّل والصّلاة" والمثبت من العارضة.
(٨) جـ: "يريد" والمثبت من العارضة.

<<  <  ج: ص:  >  >>