للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جلَّ أمرُ الله في كلِّ حال ... فتعالى ربُّنْا ذو المِحَالْ

مَلِكٌ يُعْطِي العَطَايَا الّتي ... لايُهْتَدَى فيها بحُسْنِ سُؤَالْ

من مَعَاشٍ في سُهُولٍ (١) ... ومعاش واسعٍ في الجبالْ

فَجَّرَت قُدْرَتُهُ الصَّخرَ فَجْرًا ... واسْتَقَلَّت بالسَّحاب الثِّقال

ولقد قَسَّمَ من كلِّ رِزقِ ... في جَنُوبٍ مرَّةً أو شِمَال

فهو اللهُ الكثيرُ العَطَايَا ... وهو اللهُ الجَزِيلُ النَّوالْ

وخرجَ يعضُهم يستسقي، فقال نظمًا يأتي ذِكرُهُ:

أروني لكم ربًّا دحا الأرضَ وحدَها ... وأرسى الجبالَ الصُّمَّ من فوقها أَلْقَى

وأخرَجَ مَرْعَاهَا وأَجْرَى مِيَاهَهَا ... وسَهَّلَ في تَوْعِيرِها لكُم الطُّرْقَا

أَرُونِي لكم ربًّا يريدُ وحدَه (٢) ... وسوَّى كما سوَّى لنا الغَربَ والشَّرْقَا

أرُونِيَ رَبًّا غّيْرَ رب سَمَائِنَا ... يُنَزِّلُ منها مثلَ تَتزِيلِهِ الوَدْقَا

أَرُونِي له بحرًا أَرُوني له سَمَا ... أَرُونِي له رَعْدًا أَرُوني له بَرْقَا

أَرُونِي له لَيلًا أَرُونِي له نَجما ... أَرُونِي له بَدْرًا أَرُونِي له الأُفْقَا

أَرُونِي إلاَهًا غيرَهُ عزَّ وَجهُهُ ... إذا ماتَ كلُّ الخَلقِ يَبْقَى كما يَبْقَى

إلاَهِيَ أنت الفَرْدُ والصَّمَدُ الّذي ... بعَفْوِكَ أؤجُو عفوتك (٣) العَتْقَا

تَوَحَّدْتَ يا قَيُّومُ بِالمُلْكِ حينَ لا ... سِوَاكَ وما أحْدَثتَ عَرْشًا ولا خَلقَا

فلمّا خَلَقْتَ العَزشَ والخَلْقَ لم تَزَل ... على العَزشِ فَرْدًا حين لا يبصر الرّزقا

وأنت الّذي لا شيء مثلُك، لم تلِذ ... إلاهِي ولم تُولَد فارْفَق بنا رِفْقا

حُكِيَ عن بعض الخُطباء أنّه خرج يستسقي بقومه، فقال: الحمدُ لله المبدىء بالنِّعَمِ قبلَ الاستحقاق، المُتكَفِّل لجميع بَريَّتِهِ بالإرزاق، فالق الإصباح بقُدْرَتِهِ، خالق الأشياء (٤) بِحِكمَتِه، ومُرْسِل الرِّياحَ نَشرًا بين يَدَي رحمته. الكريم الجواد، الّذي ليس لنعمائه نفاد، ولا يستغني عنه جميع العباد. سيحانه عمَّ الخلائقَ قضاؤُه، ووسع كلّ شيء رحمته، الّذي لا يكديه إلحاحٌ، الّذي لا يخاف الافتقار (٥)، وكلَّ شيءٍ عنده


(١) كذا، والوزن لا يستقيم.
(٢) كذا والوزن لا يستقيم.
(٣) كذا.
(٤) جـ: "الأشباح".
(٥) غ: "افتقاره".

<<  <  ج: ص:  >  >>