للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال بعضهم (١): كيف ينتظر (٢) إجابة الدَّعوة وقد سُدَّت (٣) طَريقُها بالهَفْوَةِ.

وقال بعضهم: مَنْ طابت لُقمَتُه أُجِيبَت دَعْوتُه. وكلامهم على هذا كثيرٌ جدًّا.

الحديث الثّاني: مالكٌ (٤)، عن يحيى بن سعيد؛ أنّه بَلَغَهُ أنَّ رسولَ الله - صلّى الله عليه وسلم - كان يَدْعُو فيقولُ: "اللَّهُمَّ فَالِقَ الإصْبَاح، وجَاعِلَ اللَّيْلِ سَكنًا، وَالشَّمْسِ وَالقَمَرِ حُسْبَانًا، اقْضِ عَنِّي الدَّيْنَ، وأَغْنِنِي مِنَ الفَقْرِ، وَأَمْتِعْنِي (٥) بِسَمْعِي وبَصَرِي وَقُوَّتِي في سَبِيلِكَ".

الفوائد المنثورة في هذا الحديث سبعٌ:

الفائدة الأولى:

قولهُ: "فَالِقَ الاصْبَاح" يعني الصّباح نفسه؛ لأنّ البارئ تعالى هو الفالق لكلِّ ما ذَرَأَ وخَلَقَ وَبَرَأَ، وهذا مطابقٌ لقوله: {فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى} (٦) وهو قوله: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} (٧) قيل: هو فَلَقُ الصُّبح، يعني صباح النَّهار على اللّيل، وفيه أقوالٌ كثيرةٌ.

الفائدةٌ الثّانية:

قوله: "وَجَاعل الْلَيْلَ سَكنًا" مطابقٌ لقوله: {وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} الآية (٨)، وقوله: {جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيه} الآية (٩)، أي لتستقرّوا عليها بالرّاحة، فلو كانتِ الأرضُ تَمِيدُ بأهلها لما كان لأَحَدٍ عليها قرارٌ، وهذا من لُطْفِ الباريء تعالى بِخَلْقِهِ.

الفائدة الثّالثة:

قوله (١٠): "والْشَمْسَ والْقَمَرَ حُسْبَانًا" وهذا منَ الكلامِ البديعِ؛ لأنّه ذَكَرَ أوّل


(١) جـ: "قوم"، وقد ورد هذا القول في المصدر السابق.
(٢) في الرسالة: "تَنْتَظِر".
(٣) في الرسالة: "سَدَدْتَ".
(٤) في الموطّأ (٥٦٧) رواية يحيى.
(٥) جـ: "متعني".
(٦) الأنعام: ٩٥.
(٧) الفلق: ١.
(٨) الأنعام: ١٣.
(٩) يونس: ٦٧.
(١٠) أي قوله - صلّى الله عليه وسلم - في حديث الموطّأ (٥٦٧) رواية يحيى.

<<  <  ج: ص:  >  >>