للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -: "النَّدِمُ تَوبَةٌ" (١).

قلنا: عنه ثلاثة أَوْجُهٍ (٢):

أحدها: أنّ الحديث لم يصحّ، ولكن المعنى صحيحٌ، وكلُّ من ندم سَلِمَ (٣)، لكن النَدم له شروطٌ، من جاء بها قُبِلَ منه، ومن أَخَلَّ بها ولم يأت بها لم يُقْبل منه.

الثّاني - قيل: معناه نَدِمَ ولم يَستَمرّ نَدَمُه، وإنّما يُقْبَلُ النَّدَمُ إذا اسْتَمَرَّ.

وقال علماؤنا: النَّدَمُ على المعاصي (٤) إنّما يقعُ بشرطِ العَزْمِ ألَّا يعود ولا يفعل في المستقبل.

نكتةٌ:

قال الإمام: قوله تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ} الآية (٥) اختلفَ العلّماءُ في المجني عليه؟

فقيل: إنّه مِنْ بَنِي إسرائيل.

وقيل: هما قابيل وهابيل، وهو الأصحّ، قاله ابن عبّاس والأكثر من النّاس.

وهو أوّل من سن القتلَ، فما من نَفْسِ تُقْتَل إلَّا كان عليه كفل منها، ودَمُهُ أوَلُ دَمٍ يُهْدَرُ وقع على وجه الأرض من بني آدم.

قوله تعالى: {فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ} (٦) فصارت تلك سنَّة باقية في الخَلْقِ، وفَرضًا على جميع النَّاس كافَّة، مَنْ فَعَلَهُ سَقَطَ عن الباقين فَرضه.

وأخصّ الخَلْق به الأقربون، ثمّ الّذين يَلُونَهم، ثم الخِيَرَة، ثم سائر النّاس من المسلمين، وهو حقٌّ في الكافر أيضًا، رَوَى ناجية بن كعب، عن عليّ بن أبي طالب، قال: قلت للنَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم -: إنّ عمّك الشّيخ الضّالّ قد ماتَ، فمن يواريه؟ قال: "اذْهَب


(١) أخرجه ابن المبارك في الزهد (١٠٤٤)، والحمدي (١٠٥)، وأحمد: ١/ ٣٧٦، وابن ماجه (٤٢٥٢)، وأبو يعلى (٤٩٦٩)، وابن حبّان (٦١٢) من حديث ابن مسعود.
(٢) في أحكام القرآن: "أجوبة".
(٣) في أحكام القرآن: "فقد سلم".
(٤) في أحكام القرآن: "الماضي" وكذلك في أصل النسخة: جـ، إلَّا أنّ الناسخ استدرك الخطأ في الهامش.
(٥) المائدة: ٣٢، وانظر أحكام القرآن: ٢/ ٥٩٠ - ٥٩١.
(٦) المائدة: ٣١

<<  <  ج: ص:  >  >>