للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الإمام (١) - ووجهُ قول ابن القاسم: أنّ الدَّفْن في الأرض ويجب (٢) أنّ تكون هي الّتي (٣) تلي الإنسان، ويكون بَاقِيهِ على حُكْمِ الأصل لم يتغيّر، إلَّا أنْ يصير أجزاءً أو غير ذلك.

المسألة الرّابعة (٤):

قال أشياخنا (٥): ومن السُّنَّةِ تسنمة القُبور ولا ترفع (٦)، وقاله ابنُ حبيب أيضًا، وقد رُوِيَ عن سفيان التمّار (٧)؛ أنّه رأى قبر النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - مُسَنَّمًا (٨).

وأمّا إشادَتُهُ ورَفْعُه على وَجهِ المباهاةِ فممنوعٌ منه، ورَوَى ابنُ القاسم (٩) عن مالكٌ؛ أنّه كره أنّ ترصَّصَ القُبور بالحجارة والطِّين والطُّوب، أنّ يجعل كلّ ذلك من فوق (١٠)، لِمَا رُوِيَ عن النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - من حديث جابر؛ أنَّ النّبِىَّ - صلّى الله عليه وسلم - عَلَيْهِ نَهَى أَنْ تُرْفَعَ الْقُبُورُ وأنْ يُبْنَى (١١) عَليْهَا وَأَمَرَ بِهَدْمِهَا وتسويّتها بالأرض (١٢).

ويُرفعُ (١٣) رفع تسنيمٍ دون أنّ يرفع أصلُه.

وقال ابنُ حبيب: لا بأس بالمَشي على القُبورِ إذا عفت، وأمّا والقبر مسنّمٌ والطّريق دُونَهُ فلا أحبُّ ذلك؛ لأنّ هذا تكَسيرٌ لتسنيمه ويُبِيحُ طريقَه (١٤).


(١) الكلام موصول للإمام الباجي.
(٢) غ: "أفضل ويستحب" جـ: "ويستحب" والمثبت من المنتقى.
(٣) غ، جـ: "من الّذي" والمثبت من المنتقى.
(٤) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٢/ ٢٢.
(٥) المقصود هو الإمام الباجي.
(٦) انظر كلام القاضي عياض في التنبيهات: ٣٤/ ب ففيه فوائد نفيسة نقل بعضها عن اللّخمي في تبصرته.
(٧) أخرجه البخاريّ (بعد حديث رقم ١٣٩٠).
(٨) غ، جـ: "سفيان الثّوريّ" والمثبت من المنتقى وصحيح البخاريّ.
(٩) في العتبية: ٢/ ٢٥٤ في سماع عيسى بن دينار من عبد الرّحمن بن القاسم. كما كره ذلك في المدونة: ١/ ١٧٠ في تجصيص القبور.
(١٠) عبارة: "أنّ يجعل كلّ ذلك من فوق" غير واردة في المنتقى، ويحتمل أنّ تكون طُرَّة من بعض القراء أضيفت مع تكرار النّسخ إلى صلب النّصِّ.
(١١) في المنتقى: "أو يبنى".
(١٢) أخرجه عبد الرزّاق (٦٤٨٨)، وأحمد: ٣/ ٢٩٥، ومسلم (٩٧٠)، والترمذي (١٠٥٢).
(١٣) أي القبر.
(١٤) ووجه ذلك -كما ذكر الباجي-: أنّ السّنام يحفظه على أهله يعرفونه به، ويمنع من ابتذاله بالمشي عليه وتعفية أثَرِه، فأمّا البنيان المتّخذ على وجه المباهاة فممنوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>