للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أجمع أهل العلّم، حكى ذلك عنه محمّد بن نصر المروزي.

وقال قوم آخرون: إنّ الأرواح كلّها في الصُّور، وهو حديثٌ ضعيفٌ، والصّحيح أنّ الأرواح تُنَعَّم وتُعَذَّب (١) حيث ما كانت من عِلمِ اللهِ.

وأمّا أرواح الكُفّارِ، ففي سجِّين في أسفل سافلين، وإنّها تعذَّب إلى يوم القيامة، يعرض عليها بالغُدُوِّ والعَشِيِّ العذاب.

الفائدةُ الرّابعة:

قوله: "نَسَمَةُ المُؤْمِنِ طَائِرٌ" تعلّق أهل التّناسخ بهذا الحديث لقوله: "في حَوَاصِلِ طَيرِ خُضْرٍ" ولا دليلَ لهم فيه، والصّحيحُ أَنَّه على ظاهر من قوله: "طَائِرٌ يَعْلَقُ في شَجَرِ الْجَنَّةِ" فكأنّه مطلق سارح فيها (٢) كما يسرح الطّائر، ولا يحتاج في ذلك أنّ يكون في جَوفِ طائر؛ لأنّه لم يثبت في حديث، فلا يُعَوَّل عليه.

الفائدةُ الخامسة:

قوله: "حَتَّى يَبعَثُهُ اللهُ" والبَعثُ هو إثارة الشّيء عن خفاء، أو تحريكٌ عن سُكُونٍ، وله في اللّغة ثلاث معان:

الأوّل: بعث الشّيء أثارهُ، ومنه بعث الموتى، وبه سُمَّيَ يوم القيامة يوم البعث.

الثّاني: بعث الرُّسُل، كما قال: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا} الآية (٣).

الثّالث: البعث التّحريض على الشيء، يقال: بعثمت فلانًا على كذا، إذا حرّضته عليه.

وحقيقة البعث: تحريك الشّيء بعد سكونه في إزعاج واستعجال، وإليه يرجع جميع ما تقدّم، والبارىء سبحانه هو الّذي يحرِّك المؤمن إلى العرض والجزاء.

حديث مَالِك (٤)، عَنْ أَبي الزِّنَادِ، عَنِ الأعْرَجِ، عَن أَبي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلّى الله عليه وسلم - قَالَ: "يقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: إِذَا أَحَبَّ عَبدِي لِقَائِي، أَحبَبْتُ لِقَاءَهُ، وَإِذَا كَرِهَ عَبْدِي لِقَائي، كَرِهتُ لِقَاءَهُ".


(١) جـ: "تتنعم وتتعذب".
(٢) جـ: "فيه".
(٣) الجمعة:٢.
(٤) في الموطّأ (٦٤٤) رواية يحيى.

<<  <  ج: ص:  >  >>