للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الثّانية (١):

قال علماؤنا (٢): البعْلُ: ما شرب بعروقه من الأرض من غير سَقْيِ (٣) سماءٍ ولا غيرها. فإذا سَقَتةُ السّماء فهو عِذْيٌ. وما سقته العيون والأنّهار فهو سيْحٌ وغَيْلٌ.

يقال (٤) هو يشربُ غَيْلًا ويشرب سَيْحًا، وإنّما سُمَّيَ سَيْحًا لأنّه يَسِيحُ في الأرضِ أي يجري عليها. قال والعِذْيُ العَثَرِيُّ. قال عبد الملك (٥): "هو يتصرَّفُ على ثلاثة أَوْجُهٍ: بَعْلٌ وعِذْيٌ وسقْيٌ، وكذلك صرّفه رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - في الحديث على ثلاثة أوجه: قال: "فيما سَقَتِ السَّمَاءُ والعُيُونُ والبَعْلُ العُشْرُ" (٦) وقال الأصمعيّ (٧): البَعْلُ ما شربَ بعروقه من ثَرَى الأرض. وأمّا النّضح فهو ما سُقِيَ بالسَّوَانِي وبالذّرانيق (٨) وبالدَّلْو بِالْيَدِ".

وقال يحيى بن آدم: البَعْلُ ما كان من الكروم والنّخيل تذهب عروقه في الأرض إلى الماء ولا يحتاج إلى سَقْيٍ.

المسألة الثّالثة:

قوله: "فيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ والعُيُونُ: العُشْرُ" فوجبَ العُشر فيما سَقَتْهُ السَّماء قليلًا كان أو كثيرًا من مَكِيلٍ أو غير مَكِيلٍ.

وقالت طائفة: هذا الحديث يُوجِبُ العُشر في كلِّ ما زَرَعَهُ الآدميُّونَ من الحبوب والبُقُول، وكلما أشبه أشجارهم من الثّمرات كلّها قليلها وكثيرها يوجب منه العشر، ونصف العشر عند حَصَادِه وقطافه، كما قال تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} (٩)


(١) الفقرة الأولى من هذه المسألة مقتبسة من الاستذكار: ٩/ ٢٣٧.
(٢) المقصود هو الإمام ابن عبد البرّ.
(٣) قاله أبو عبيد في غريب الحديث: ٣/ ١٢٦، وصرح بهذا النقل ابن عبد البرّ في الاستذكار.
(٤) من هنا إلى بداية الفقرة الأخيرة مقتبسة من شرح غريب الموطّأ لعبد الملك بن حبيب الورقة: ٤١ - ٤٢.
(٥) في شرح غريب الموطّأ: الورقة ٤٢.
(٦) تتمّة الكلام كما في شرح ابن حبيب: "فما سقت السَّماء فهو عِذيٌ وعَثَرِيٌّ، وما سقت العيون والأنّهار
فهو غَيْلٌ وسَيْحٌ وسَقَيٌ".
(٧) قول الأصمعي ذكره ابن حبيب بدون عزوه إليه وهو معاصره. وأورده أبو عبيد في غريب الحديث: ١/ ٦٧
(٨) كذا، ولعلّ الصواب بالدوالي.
(٩) الأنعام: ١٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>