للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها بالمرض وشبهه.

وأصل الحصر الحبس والمنع.

وأمّا قول مالك (١) فيمن حصره العدوّ، أنّه يحلّ من إحرامه، ولا هَدْيَ عليه ولا قضاءَ، إِلَّا أنّه إنْ كان ساقَ هَدْيًا نَحَرَهُ، وقد وافقه الشّافعيُّ (٢)، على أنّه يتحلّل بالموضع الّذي حِيلَ فيه بينه وبين الوصول إلى البيت، وأنّه لا قضاء عليه، إِلَّا أنّ يكون صرورةً فلا يُسقِطُ ذلك فرضَ الحجِّ.

واختلف الفقهاء (٣) في موضع نحر رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - يوم (٤) الحُدَيْبِيَةِ هل كان في الحلِّ أو في الحَرَمِ؟

فكان عطاء يقول (٥): لم ينحر رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - هَدْيَهُ يوم الحُدَيْبِيَة إِلَّا في الحَرَمِ، وهو قول ابن إسحاق.

وقال غيره من أهل السِّيَر والمغازي: لم ينحر رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - هَدْيَهُ يوم الحُدَيْبيَة إلّا في الحلِّ، وهو قول الشّافعيّ (٦)، واحتج بقوله تعالى: {هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} الآية (٧)، وهي المسألة الثَّانية.

المسألة الثَّالثة (٨):

اختلف العلماء فيمن حصرَهُ العدوُّ بمكّة؟ فقال مالك: يتحلَّلُ بعُمْرَةٍ كما لو حصره العدوُّ في الحِلِّ، إِلَّا أنّ يكون مكِّيًّا فيخرج إلى الحِلِّ ثمّ يحلّ بعمرة، وقد قال مالك: أهلُ مكَّة في ذلك سواء كأهل العراق.

وقال الشّافعيُّ (٩): الإحصارُ بعدوٌّ بمكَّة وغيرها سواءٌ، ينحرُ هَدْيَهُ ويحلُّ مكانه.


(١) في الموطّأ (١٠٤٠) رواية يحيى.
(٢) في الأمّ: ٣/ ٣٩٩ (ط. فوزي).
(٣) هذه المسألة الثَّانية مقتبسة من الاستذكار: ١٢/ ٨٠.
(٤) "يوم" زيادة من الاستذكار.
(٥) "يقول" زيادة من الاستذكار.
(٦) في أحكام القرآن: ١/ ١٣١.
(٧) الفتح: ٢٥.
(٨) هذه المسألة مقتبسة من الاستذكار: ١٢/ ٨٣.
(٩) في الأمّ: ٣/ ٣٩٩ (ط. فوزي).

<<  <  ج: ص:  >  >>