للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووجه القول الأوّل: أنّهم بالقتال قد استحقُّوا القتل، فلا يسقط ذلك عنهم بالأسر، كما لو قتلوا أحدًا (١).

ووجه القول الثّاني: أنّهم ممّن يقرّ على غير جِزْية: فلم يجز قتلهم بالأسر، كما لو لم يقاتلوا.

المسألة الخامسة (٢):

قوله (٣): "سَتَجدُ قوْمًا زَعَمُوا أَنَّهُمْ حَبَّسُوا أَنْفُسهُم لله" يريد الرّهبان حبسوا أنفسهم عن النَّاس وأقبلوا على ما يَدَّعُونَ من العبادة (٤)، وكفوا عن معاونة أهل ملّتهم (٥) بحيث لا تعرف سلامتهم من معونتهم.

واختلف العلّماءُ في قتل الرّاهب: فرُويَ عن أبي بكر الصِّديق أنّه أمر بالوقوف عن قتلهم (٦).

وكان مالك (٧) واللّيث (٨) وأبو ثور (٩) لا يرون قتل الرّهبان.

وقال مالك: بترك لهم ما يصلحهم (١٠).

وقال اللَّيث: يترك لهم ما يعيشون به، ولا تؤخذ أموالهم فيموتون جوعًا.


(١) من المسلمين.
(٢) الفقرة ت الأولى من هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٣/ ١٦٧.
(٣) أي قول أبي بكر في الموطَّأ (١٩٩٢) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (٩١٨)، وابن بكير عند البيهقي: ٩/ ٨٩.
(٤) قال ابن حبيب: "ولم يَنْهّ عن قتل الرّهبان لفضل عندهم من تَرَهُّبِهِم وتبتُّلهم، بل هم أَبْعَدُ من الله من غيرهم من أهل دينهم لشدْة بصيرتهم في الكفر، ولكن لاعتزالهم أهل دينهم عن محاربة المؤمنين بيد أو رأي أو مال. فأمّا إنَّ عُلمَ من أحدٍ منهم أنّه ذلِّ العدوِّ غرّة سرّية منّا أو دلّهم عليهم وشبه ذلك، فقد حلّ قتله"عن النّوادر والزِّيادات: ٦٣.
(٥) سقط ها هنا كلام أخلّ بالمعنى، وهو كالتالي:" ... برأي أو مال أو حرب أو إخبار بخير، فهؤلاء لا يقترن سواء كانوا في صوامع أو ديارات ... لأنّ هؤلاء قد اعتزلوا الفريقين وعفوا عن معاونة أحدهما ... وأمّا رهبان الكنائس فقال ابن حبيب: يقتلون؛ لأنّهم لم يعتزلوا ملتهم، وهم مداخلون لهم بحيث ... ". المنتقى: ٣/ ١٦٧.
(٦) في الحديث السابق الّذي رواه مالك في الموطَّأ (١٢٩٢) رواية يحيى.
(٧) فى المدونة: ١/ ٣٧١. وانظر: الذّخيرة: ٣/ ٣٩٧.
(٨) انظر قول اللَّيث فى الإقناع لابن المنذر: ٢/ ٤٦٤، والاستذكار: ١٤/ ٧٢.
(٩) كذا, ولعلّ الصواب: "الثّوريّ" انظر الاستذكار: ١٤/ ٧٢.
(١٠) فى رواية سحنون من سماع ابن القاسم عن مالك، في العتبية: ٢/ ٥٢٥، وعنها ابن أبي زيد في النوادر: ٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>