للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال مالك أيضًا: لا يقتل الرّاهب (١) ويترك له ما يعيش به (٢).

المسألة السّادسة:

وأمّا الزّمِنُ (٣) والمجنونُ والمريض والشّيخ (٤)، فقال علماؤنا بالنّهي عن قتلهم (٥)، وهو مذهب مالك (٦).

وقال الشّافعيّ: يقتلون للعلَّة الموجودة فيهم وهو الكفر، وهو في جملة من أمر الله بقتلهم من المشركين، غير خارجين من الجملة (٧).

نكتةٌ أصولية (٨):

اعلموا أنّ الجهادَ إنّما هو موضوعٌ لإعلاءِ كلمةِ الله، وكسبِ الحلال من مالِ الله، وقتال أعداء الله.

واختلف العلّماءُ في علَّة القتل، فمنهم من قال: عِلَّتُه الكفرُ. قال الله عَزَّ وَجَلَّ: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} (٩) أي: كفرٌ.


(١) لعلّ الصواب: "لا بعرض للرّاهب" كما في الموّازية، وإذا كانت العبارة سليمة فهي ممّا أجاب بها مالك تلميذ. ابن القاسم في المدوّنة: ١/ ٣٧٠.
(٢) ونحو. في كتاب ابن المواز، كما في النوادر والزيادات: ٦٥، وانظر تهذيب مسائل المدونة للبراذعي: الورقة ٤٧.
(٣) الصّحيح عند ابن العربي في أحكام القرآن: ١/ ١٠٥ - ١٠٦ أنّ الزّمنى ينبغي أنّ تعتبر أحوالهم, فإن كان فيهم إذاية قُتلُوا، وإلّا تركوا وما هم بسبيله من الزّمانة. وانظر: القبس: ٢/ ٥٩٢.
(٤) يقول المؤلِّف في أحكام القرآن: ١/ ١٠٦ "رَأيِي قتلهم، لما رؤى النّسائي عن سمرة ... ويعضده عموم القرآن، ووجود المعنى فيهم من المحاربة والقتال، إِلَّا أنّ يُدْخِلهم التّشْيُّخ والكِبَرُ في حدِّ الهرم والفَنَدِ [أي الخرف] ... ". وانظر القبس: ٢/ ٥٩١.
(٥) يقول البوني في تفسير الموطَّأ: لوحة ٦٧/ أ "ويحتمل أنّ يكون إنّما نهى عن قتل من لشى فيه الرأي والتدببر، لئلّا يُشتغل بقتله عن قتل من فيه الشوكة على المسلمين".
(٦) انظر النوادر والزيادات: ٦٠ - ٦١، والكافي: ٢٠٨، وعقد الجواهر الثمينة: ١/ ٤٦٩، والذخيرة: ٣/ ٣٩٨.
(٧) وهم الّذي قاله في كتاب السِّير كلما في مختصر المزني [الحاوي: ١٤/ ٩٢]، قال: "ويقتل الشّيوخ والأجَرَاءُ والرُّهبان"، قال المزني: "هذا أولى القولين عندي بالحق؛ لأنّ كفر جميعهم واحدٌ، وكذلك سفك دمائهم بالكفر في القياس واحدٌ". وانظر الوسيط للغزالي: ٧/ ٢٠، ومشارع الأشواق لابن النحاس: ١/ ١٠٢٣، ونصّ على أنّه أظهر قولي الشّافعيّ.
(٨) انظرها في القبس: ٢/ ٥٩٠.
(٩) الأنفال: ٣٩، وانظر أحكام القرآن: ٢/ ٨٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>