للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ} الآية (١)، فذكر الصِّفةَ في الحكم مُنَبِّهًا بها على التّعليل.

وقال أهل الكوفة: علّةُ القتل المحاربةُ. قال الله تعالى: {وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ} الآية (٢).

وهذا أصلٌ عظيم تُبْنَى عليه مسائلُ عظيمةٌ وفروعٌ جمّةٌ، ليس هذا موضع ذكرها لئلّا يطولُ النفس فيها في هذا القبس. وقد أوضحنا وبينّا واضح البرهان أنّ العلّة الكفر لا الحرابة.

المسألة السابعة (٣):

فهذا ثبت ما قلناه، فرجالُ المشركين على ضربين:

أحدُهما: مالا يُخاف منه مضرّة ولا معونة، كالشّيخ الفاني (٤) والرّاهب، وقد تقدَّم حُكمُه.

والثّاني: أنّ يكون ممّن تُخشَى مضرّته أو معونته، فهذا إذا أُسِرَ فالإمامُ فيه مُخَيَّرٌ بين خمسة أشياء (٥):

١ - إمّا أنّ يقتله.

٢ - أو يفادي به.

٣ - أو يمنّ عليه.

٤ - أو يسترقه.

٥ - أو يعقد له الذِّمَّة على أداء الجزية.

فأمّا الاسترتاق وعَقْدُ الذِّمَّةِ، فلا خلاف فى جوازهما.


(١) التوبة: ٢٩. وانظر أحكام القرآن: ٢/ ٩١٧ - ٩١٩.
(٢) البقرة: ١٩١، وانظر أحكام القرآن للجصاص: ١/ ٢٥٩.
(٣) هذه المسألة مقتبة من المنتقى: ٣/ ١٦٩.
(٤) قال ابن أبي زيد في النوادر والزيادات: ٨١ "ومن كتاب ابن المواز: قال ابنُ القاسم: واتّقى مالك قتل الشّيخ الفاني، ومن لا يخاف منه".
(٥) انظرها في الناسخ والمنسوخ لابن العربي: ٢/ ٣٧٣، والمعونة: ١/ ٦٢٠، والتّلقين: ٧٣، والمقدِّمات الممهدات: ١/ ٣٦٦، والبيان والتحصيل: ٢/ ٥٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>