للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الثامنة (١):

قوله (٢):" ولَا تَقطع شَجَرًا مُثمِرًا" وهذا على ضربين:

١ - أمّا ما كان من البلاد ممّا يرجى أنّ يظهر عليه المسلمونَ, فإنّه لا يقطع شجرُهُ ولا يُخرَبُ عامِرُهُ.

٢ - وما كان لا يرجى, فإنّه يخرّب عامرُه، ويقطع شجرُهُ؛ لأنّ في ذلك ضعفًا لهم. قال ابن حبيب: قال مالك (٣) وأصحابه (٤): إنّما نهى الصِّديق عن إخراب العامر من الشّام، فإنّه عَلِمَ أنّ مصيرَهَا إلى المسلمين، ومالا يُرْجى ظهورهم عليه فخرابُ ذلك ممّا ينبغي (٥).

والذي قاله ابن حبيب هو الصّحيح، وقد حَرَّق رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - نخل بني النّضير (٦). وليس المقصود بالقطع والحرقِ المنفعة، وإنّما القصد غيظ الكفار وإخزاؤهم، فيكون ذلك من باب المنفعة على غلبته.

المسألة التّاسعة (٧):

قوله (٨):"وَلَا تَعْقِرَنَّ شَاةً، وَلَا بَعِيرًا، إلَّا لِمَأْكَلَةٍ" وهذا أيضًا على ضربين:


(١) ما عدا الفقرة الأخيرة مقتس من المنتقى: ٣/ ١٦٩ - ١٧٠.
(٢) أي قول أبي بكر في حديث الموطَّأ السابق.
(٣) قال سحنون في المدونة: ١/ ٣٧١ عن ابن القاسم: "قال مالك: لا بأس أنّ تحرق قراهم وحصونهم بالنِّيران، وتغرق بالماء وتخرب".
(٤) قال سحنون في المدونة: ١/ ٣٧١ "وأصل ما جاء عن أبي بكر في النّهي عن قطع الشجر وخراب العامر، أنّ ذلك لم يكن من أبي بكر -رحمة الله عليه- نظرًا للشرك وأهله، والحيطة لهم، ولا ذَبًا عنهم، ولكن أراد النظر للإسلام وأهله، والحيطة لهم والتّوهين للشرك، ولأنّه رجا أنّ يصير ذلك للمسلمين".
(٥) أورده ابن أبي زيد في النّوادر والزِّيادات: ٦٧ نقلًا عن ابن حبب، وانظر المعونة: ١/ ٦٠٣، والبيان والتحصيل: ٢/ ٥٤٨.
(٦) رواه البخاريّ (٣٠٢١)، ومسلم (١٧٤٦) عن ابن عمر.
(٧) هذه المسألة مقتبسة من المتتقى: ٣/ ١٧٠ بتصرُّف.
(٨) أي قول أبي بكر في حديث الموطَّأ السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>