للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال عز من قائل: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ} الآية (١).

فإذا كانت التوبةُ بالإيمانِ تُسقط القتلَ للمسلمِ وغيرهِ، فهذا قاتل بعد ذلك فاستشهد، دخل الجنَّة مع الّذي قتله.

الحديثُ الثّالث: "وَالُذِى نَفْسِى بِيَدِهِ، لأ يُكلَمُ أَحدٌ في سَبِيلِ الله، وَاللهُ أَعْلمُ بِمَنْ يُكلَمُ في سَبِيلِهِ ... " الحديث.

العربية (*):

قوله: "يُكلَمُ" يريدُ: يُخرَحُ، والكَلْم: الجرحُ، من كَلَم يَكْلِم (٢).

وقوله: ""يَثْعَبُ (٣) دَمًا"" وُيروَى: "يَنْبَعِثُ دَمًا" منصوبٌ على التَّمْيِيزِ، ويحتمل أنّ يكون مفعولًا؛ لأنّ الثَّعب مُتَعَدٍّ.

قال القاضي - رضي الله عنه - وهذا الحديث أدخله البخاريّ في "كتاب الطّهارة" (٤) غَوْصًا منه على الفقه واستقراء المعاني.

فإن قيل: لأىِّ شيء أَدْخَلَهُ البخاريّ في الطّهارة (٥)؟ وما فائدة قوله: "اللَّوْنُ لَوْنُ دَمٍ، وَالرَّيحُ رِيحُ المِسْكِ"؟

قلنا: إنّما أدخلَهُ البخاريّ على أَن الوضوءَ لا يجوزُ بالماءِ المتغيِّر، وذلك أنّ

البخاريّ - رحمه الله - أراد إدخالَ حديث على الماء المُطلَقِ الّذي لا يشوبُهُ شيءٌ (٦)،


(١) النِّساء:١٧.
(*) كلامه في العربية مقتبس من المنتقى: ٣/ ٢٠٥.
(٢) انظر تفسير غريب الموطَّأ لابن حبيب: الورقة ٦٧ [١/ ٣٥٣]، والاقتضاب: ٥٣/ ب [٢/ ٣١].
(٣) أي يتفجّر ويندفع. انظر: الغريبين للهروي: ١/ ٢٨٥, والاقضاب لليفرنى: ٥٣/ ب- ٥٤/ أ [٢/ ٣١].
(٤) باب ما يقع من النَّجاسات في السَّمن والماء، الحديث (٢٣٧).
(٥) يقول البوني في تفسيره للموطا ٦٩/ أ: "اللونُ لون الدَّم والريحُ ريح المسك: يدلُّ على أنّ الشيء إذا حال عن حالته إلى حالة غيرها، كان الحكم إلىَ الّذي حال عنه، ومن ذلك الماء تحل فيه النّجاسة فتغيَّر لونه أو طعمه أو رائحته، فنزيله على حكم الماء المطلق، فهذا لم تغيَّر له رائحة ولا طعم ولا لون، فهو على حكمه الأوّل".
(٦) وذلك تأكيدًا لمذهبه في أنّ الماء لا يتنجّس بمجرد الملاقاه ما لم يتغيّر.

<<  <  ج: ص:  >  >>