كتاب المسالك في شرح موطأ مالك

كتاب الضحايا - باب ما يستحب من الضحايا - ج: 5 - ص: 174

الأقرنُ الأكحل الأعين, الّذي يمشي في سواد ويأكل في سواد.

وقد رُوِيَ أنّ هذه كانت صفة الكبش الّذي فُدِيَ به الذّبيح إسماعيل (١).

وقالوا (٢) في التّفضيلِ: وفحولُ الضَّأْنِ في الضَّحايا أفضلُ من خِصْيانها، وخصْيانُها أفضلُ من إناثها، وإناثُهَا أفضل من فحول المعز، وفحولُ المعزِ أفضل من خِصْيانها، وخِصْيانها أفضل من إناثها، وإناثها أفضل من الإبل والبقر، وذُكورُ الإبلِ أفضل من إناثها، وإناثُ الإبل أفضل من ذكور البقر، وذكورُ البقر أفضل من إناثها، قاله ابن شعبان.

وقال عبدُ الوهّاب (٣): "أفضلُها الغَنَم، ثمّ البقر ثمّ الإبل"، وهو الصّواب، لأنّ المُرَاعَاة في الضَّحايا طِيبُ اللَّحم ورطوبتُه؛ لأنّه يختصّ به أهلَ البيت دون الفقراء بخلاف الهدايا (٤).

والدّليلُ على ذلك: أنّ النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - إنّما ضَحَّى بالغَنَم، ولو كانت الإِبلُ أفضل لضَحَّي بها.

ومما يدلُّ أيضًا على أنّها أفضل من الإِبل في الضَّحايا؛ أنّ الله فَدَى الذَّبيح من الذَّبح بكبشٍ، فقال في كتابه العزيز: {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (١٠٧)} (٥).

ورُوِيَ أنّ الله أنزله من الجنَّة، وأنَّه رعى فيها خمسين عامًا أو خمسين خريفًا (٦).

---

(١) رواه الطّبريّ في تفسير: ٢٣/ ٨٧ من قول ابن إسحاق قال: ويزعم أهل الكتاب الأوّل وكثير من العلماء أنّ ذبيحة إبراهيم الّتي فدى بها ابنه كبش أفلح، أقرن، أعين.
(٢) المقصود هو القاضي ابن رشد في المقدِّمات الممهدات: ١/ ٤٣٦، والكلام إلى آخر المسألة مقتبس من الكتاب المذكور. وانظر تفسير الموطَّأ للقنازعي: الورقة ٨٨.
(٣) في المعونة: ١/ ٦٥٨.
(٤) انظر نحوه في المعونة: ١/ ٦٥٨.
(٥) الصافات: ١٠٧.
(٦) الّذي وجدناه في التفسير بالمأثور، ما أخرجه الطّبريّ في تفسيره: ١٩/ ٦٠٤ (ط. هجر) من قول ابن عبّاس، قال: "رعى في الجنَّة أربعين خريفًا" وانظر الدّرّ المأثور: ١٢/ ٤٤٩ (ط. هجر) حيث عزاه أيضًا إلى ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم.