للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنهم من رأى أنّه لا يُؤكَل إلّا صَيد الكلبِ البَهِيم.

ودليلُنا: عمومُ قولِهِ تعالى: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ} (١) أي الكواسب.

وقولُه: {مُكَلِّبِينَ} معناه: معلّمين، أي أصحاب كلاب قد علَّمتوها، وأصلُ التَّكليب: تعليمُ الكلاب الاصطيادَ، ثمَّ كثُرَ ذلك حتَّى قيل لكلِّ معلّم ولكلِّ مَنْ علّم جوارح الصَّيد: مكلَّب، فتكليبُها تعليمُها الاصطياد.

نكتةٌ عربية (٢):

قال أهلُ اللُّغة: كَلَّبَ الرَّجُلُ وأَكلَبَ إذا اقتَنَى كلبًا.

وقال النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - في الحديث الصّحيح: "مَنِ اقتَنَى كَلبًا لَيس بِكَلب مَاشِيَةٍ أَوْ ضَاري، نَقص من أَجرِه كُلَّ يَوْمٍ قيرَاطَان" (٣) والضّاري هو الّذي يَصِيدُ الصَّيدَ في اللُّغة.

وقوله: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ} (١) هو عامٌّ في الكلب الأسود والأبيض.

والقولُ في الكلبِ الأسودِ هو شيطانٌ (٤)؛ إِنَّما قاله النَّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - في قطعِ الصّلاة (٥). وقال (٦):، فأن أَدرَكتَ ذكاةَ الصَّيدِ فاذبَحهُ دونَ تفريطٍ، فإنْ فرَّطتَ فلا تَأكُلْهُ؛ لأَنَّ النَّبِيِّ - صلّى الله عليه وسلم - شَرَطَ ذلك عليك.

وقولُه (٧) {مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ} فالّذي علَّمنا الله هو ما في طَبعِ الصّغير والكبيرِ من


(١) المائد ة: ٤.
(٢) انظرها في أحكام القرآن: ٢/ ٥٤٦ - ٥٤٨.
(٣) أخرجه البخاريّ (٥٤٨٠)، ومسلم (١٥٧٤) عن ابن عمر.
(٤) أخرجه مسلم (٣١٠) عن أبي ذرّ.
(٥) تتمّة الكلام كما ورد في الأحكام: ٣/ ٥٤٨ فلو كان الصَّيد مثله لقاله، ونحن على العموم حتّى يأتيّ من النَّبيَّ لفظ يقضي صَرفَنَا عنه".
(٦) الظّاهر أنّ هذا من النّاسخ؛ لأنّ القول نفسه ورد بأحكام القرآن: ٣/ ٥٤٨ فالمقصود: قال ابن العربي.
(٧) من هاهنا إلى آخر ما تحت هذه النّكتة اللّغوية مقبس من المقدِّمات لابن رشد: ١/ ٤١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>