للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي الصّحيح عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ "أَنَّهُم خَرَجُوا في غَزوَةِ السِّيف مَعَ أَبِي عُبِيدَةَ ابن الجَرَّاحِ، فَفَنِيَ زَادُهُمُ - عَلَى صِفَةٍ ذَكَرَهَا أَهلُ السِّيرِ -، فَأَلقَى لَهُمُ البَحرُ حُوتًا يُقَالُ لَهُ العَنْبَرُ، فَأَكَلُوا مِنهُ شَهرًا، وَادَّهنُوا بِهِ، وَشَبِعُوا، وَجَاءوُا مِتهُ بِفَاضِلةِ إلَى المدينة، وَسَأَلُوا رَسُولَ اللهِ - صلّى الله عليه وسلم - ذلكَ، وَأَهدوْا إِلَيْهِ مِنْهُ فأَكَلَهُ" (١).

الفقه في ثلاث مسائل:

المسألة الأولى (٢):

قولُه في هذا الحديث (٣) "إنَّ ابن عُمَرَ نَهَى عن أَكلِ مَا لَفَظَهُ الْبَحرُ" وذلك على ضربين: أحدهما أنّ يلفظه حيًّا، والثّاني: أنّ يلفظه ميتًا.

لمّا اعتقد تحريمه، ثمَّ ظهر إليه أنّ يُعيدَ النَّظر لذكر الآية، فأعادَ نَظَرَهُ فيها، فقرأَ: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} (٤) فحمل الصَّيد على ما صِيدَ منه لامتناعه، والطعام على ما يتناول دون تَصَيُّد، وذلك لا يكون إِلَّا في الطَّافِي، وهو في الغالب لا يُعْلَم سبب موته.

فإذا ثبت ذلك، فجميعُ صيدِ البحرِ حلالٌ عند مالك.

وأمّا كلب الماء وخنزيره، فقد روى أبو القاسم أنّه مكروه (٥)، وقاله ابنُ حبيب، وفي "الموازية": اختلفَ في خنزير الماء، فاجازَ أكله رَبِيعَة، وكرهه يحيى بن سعيد، وظاهرُ القرآنِ والسُّنَّةِ يُبيحُه.


(١) أخرجه مالك في الموطَّأ (٢٦٨٩) رواية يحيى، والبخاري (٢٤٨٣)، ومسلم (١٩٣٥).
(٢) هذه المسألة مقتبسة من المنتقي: ٣/ ١٢٨.
(٣) حديث الموطَّأ (١٤٢٧) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (٢١٦١)، وعلي بن زياد (١١٦) وسويد (٤١١)، ومحمد بن الحسن (٦٤٩)، وابن بكير لوحة ١٨٠/ أ [نسخة تركيا].
(٤) المائدة: ٩٦.
(٥) قاله أبو القاسم بن الجلّاب في التفريع: ١/ ٤٠٥، وانظر النوادر والزيادات: ٤/ ٣٥٨

<<  <  ج: ص:  >  >>