للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزّهريّ حديث أَبِي ثَعْلَبَةَ ولم يذكر لفظ التّحريم، وهذا ليس بصحيحٍ؛ لأنّ مالكًا خَرَّجَهُ في (موطّئه) وهذا يدلُّ على تصحيحه لَهُ والتزامه، وهو صريحُ مذهبه، وبه ترجمَ الباب حين قال: "بَابُ تَحرِيمِ أكل كلّ في ذِي نابٍ مِنَ السِّباعِ"، ثمَّ ذكر الحديث، وعقبه بعد ذلك بان قال: "ؤهُوَ الأَمْرُ عِنْدَنَا" (١) فأخبر أنّ العمل اطّرد مع الأثر.

واختلفَ العلّماءُ إذا خالفَ العملُ الأثرَ:

فمنهم من قدَّم الأثرَ وهم الأكثرون.

ومنهم من طرحَ الأَثَر وقدّم العمل، وهو مالك والنّخعيّ، وقد قال النخعىُّ: لو وجدتُ أصحاب النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - يتوضّؤون إلى الكوعَيْن لتوضّأتُ كذلك، وصدَقَ؛ لأنّهم بعدَالتِهِم لا يتركون العمل بما سمعوه إذا ثبت سماعهم له، إِلَّا عن دليلٍ أظهر منه، وفيه تفصيلٌ طويل بيّناه في كتب الأصول (٢).

الفقه في تسع مسائل:

المسألة الأولى (٣):

اختلف العلّماءُ في تحريمِ أكل كلِّ ذِي نابٍ من السِّباعِ:

فرَوَى العراقيون عن مالك أنّها كلّها عنده محمولة على الكراهية من غير تفصيل، وهو ظاهرُ "المدوّنة" (٤).

ابن كنانة: كلُّ ما يفترسُ ويأكلُ اللَّحم فهو مِمَّا لا يُؤكَل، وما كان سوى ذلك من دوابِّ الأرض وما يعيشُ بنباتِ الأرضِ فلم يأتِ فيه نَهىٌ، قال عيسى عن ابنِ القاسم: وهذا


(١) الموطَّأ: ١/ ٦٤١ رواية يحيى.
(٢) انظر المحصول في علم الاصول الورقة: ٩١ - ٩٢، والعارضة: ٢/ ٢٥١.
(٣) هذه المسألة مفتبسة من المننقى: ٣/ ١٣٠ - ١٣١.
(٤) بقول الإمام في المدوّنة: ١/ ٤٢٦ "لا أحبّ أكل الضّبع، ولا الذنب، ولا الثعلب، ولا الهرّ الوحشي ولا الانسي، ولا شيئًا من السِّباع".

<<  <  ج: ص:  >  >>