للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الشّافعيّ (١): يُؤكل الضبُعُ والثعلبُ.

وقال مالك وأصحابُه: لا يُؤكلُ شيء من السِّباع الوحشية، ولا الهر الوحشى، ولا بأس باكل سباع الطَّير، وزَادَ ابنُ عبد الخكَم في روايته حكايةً عن مالك قال: وكلّ ما يَفْتَرِسُ ويأكلُ اللَّحم ولا يرعى الكَلأَ، فهو سَبُعٌ ولا يُؤكَلُ، وهذا يُشبِهُ السِّباعَ الّتي نهى رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم - عن أكلها، وَرَوَى عن أشهب أنّه قال: لا بأس بأكل الفيل إذا ذُكِّي.

وقال ابنُ وهب، قال لي مالك: لم أسمع أحدًا من أهل العِلْم قديمًا وحديثًا بأرضنا ينهَى عن أكل كلّ *ذي مِخلبٍ من الطَّير. قال: وسمعت مالكًا يقولُ: لا يؤكلُ كلُّ* ذي نابٍ من السِّباع، وقال ابنُ وهب وكان اللَّيثُ بن سعد يقول: يؤكل الهرُّ والثَّعلبُ.

والحجّةُ لمالك: عمومُ النّهي عن ذلك، ولم يَخُصَّ رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم - سبُعا من سبُعٍ، فكلُّ ما وقعَ عليه اسم سَبُعٍ، فهو واقعٌ تحت النّهي، على ما يُوجبُهُ الخطاب وتعرفُه العربُ من لسأنّها في خطابها ومخاطبتها، وليس حديثُ الضَّبُع ممّا يُعارَضُ به حديثُ النّهي عن أكل كلِّ ذي نابٍ من السِّباع (٢).

وأمّا الضَّبُّ، فقد ثبت عن النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - إجازةُ أَكْلِهِ (٣)، وفي ذلك ما يدلُّ على أنّه ليس بسبُعٍ يَفْتَرِسُ.


(١) في الأم: ٢/ ٢٤٢، ٢٥٠ (ط. النجار).
(٢) يقول البوني في تفسير الموطَّأ: ٧٨/ ب "وإنّما أراد من ذوات النّاب ما يفترسُ، وأمّا ما لا يفترس مثل الضَّبِ فلا بأس به، واختلف في الثعلب والضّبُعِ، فقيل: لا بأس باكللها لأنّها لا تفترس، وقيل: قد تفترس فنهى عن ذلك ولكن نهيا دون نهي مَا يفترس. فقيل: إنّما نهى عن أكلها حذرًا على صائدها أنّ تفترسه، وقيل: إنّما نهى عن ذلك لأنَّ لحمها يعدو على آكله، والله اعلم بالصواب".
(٣) ثبت ذلك في الموطَّأ (٢٧٧٣) رواية يحيى.

<<  <  ج: ص:  >  >>