للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتاب النكاح (١) في قوله: "تحرم المرأةُ على عمتِها وخالَتها" (٢)، وفي أبواب البيوع الفاسدة (٣)، فالتّحريمُ في كلام العرّب الحِرْمانُ والمَنْعُ، قال الله تعالى {وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ} (٤) أي منعناه منهنَّ.

المسألة السّادسة: في معنى قوله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} الآية (٥).

قال علماؤُنا (٦): الآيةُ عامّةٌ في نَفيِ كلِّ محرَّم، إِلَّا أنّ يدلُّ دليلٌ على تحريم ما لا تتضمّنُه الآية، كما دلّت آية الخمر على التّحريم وإنْ لم يكن ذلك في هذه الآية، وحديثُ تحريم لحوم السِّباع عامٌّ في تحريمها على كلِّ أحدِ، فتُحمَلُ الآية على عمومها، ويخصّ بها الحديث في لحوم السِّباع ونحملُه على المُحرِمين، وكان ذلك أَؤلَى؛ لأنّ الآية مقطوع بصحّتها، وكان التّعلّق بعمومها أَوْلَى من التَعلُّق بعمومٍ مظنونٍ وهو عموم الخَبَرِ.

فإن قيل: فما فائدةُ تخصيصِ لحومِ السِّباعِ وسائرِ لحومِ الوَحشِ محرّمة على المُحْرِمِين؟.

فالجواب: أنّه لا يمتنع أنّ يخصّ نوعًا من الجنس ليجتهد في إلحاق الباقي به أو مخالفته له، كما يقولون: إنّه نهى عن أكل كلِّ ذي نابٍ من السِّباعِ، وخصَّ بذلك التّحريم، وإن كان غيرُه من الحيوان عندكم حرامًا لم ينصّ عليه.


(١) صفحة: ٤٨٢ من هذا المجلد.
(٢) أخرجه مالك (١٥٢٠) بلفظ: "لا يجمع ... ".
(٣) انظر صفحة: ٢٣ من المجلد السّادس.
(٤) القصص:١٢.
(٥) الأنعام: ١٤٥.
(٦) المقصود هو الإمام الباجي في المنتقى: ٣/ ١٣١ والكلام التالي هو جواب نقله الباجي عن بعض الأصحاب من المالكية.

<<  <  ج: ص:  >  >>