للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجل (١) فيقول: إنّه زيدٌ، وهو يعتقد ذلك فيه، فإذا قَرُبَ تبيَّنَ له أنّه غيرُه، فهذا لا كفَّارَةَ فيه.

ووجه ذلك: أنّها ليست بيمينِ تنعقدُ ليفعل أو ليترك، وإنّما هي يمين تصديق، فلا يبقى لها بعد تمام اللّفظ حُكْمٌ؛ لأنّها لا تمنع من فعل فَتُبيحُ ذلك الكفّارة، ولا تُوجبُ فعلًا فتبيح ترك الكفارة.

المسألةُ الخامسةُ (٢):

وأمّا قوله (٣): "فَأمَّا الذِي يَحْلِفُ عَلَى الشَّيءِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ آثِمٌ ... فَهُوَ أَعْظَمُ من أنّ تَكُونَ فِيهِ كفَّارَةٌ" فإن هذه اليمين ليست من جنسِ ما تتعلّق بها الكفّارة؛ لأنّها يمينٌ على ماضٍ، ويمينُ الماضي لا تخلو من ثلاثة أحوالٍ، لا يجب بشيءٍ منها كفّارة:

أحدُها: أنّ يحلِف على شيءٍ أنّه قد كان، أو ما كان، فيكون كما حَلَفَ عليه، فهذا برّ في يمينه.

الثّاني: أنّ يحلِفَ على شيءٍ أنّه قد كان كذا، وهو يعتقد صِحَّة ذلك، فيكون الأمرُ على خلافِ ما حَلَفَ عليه، فهذه لغو اليمين عند مالك، ولا كفّارة عليه ولا إِثمَ.

الثالثُ: أنّ يحلِفَ على ذلك، ولا يعتقد أنّ الأمرَ على ما حَلَفَ عليه، إمّا أنّه يعلم ضدّ ذلك، وإما أنّه يشكُّ، فهذه اليمين الغَمُوس، سمِّيَت بذلك لأنَّها تَغْمِسُ صاحبَهَا في الإثم، ولا كفَّارةَ لها لكونها متعلّقة بالماضِي، وإنمّا قال:"إنَّهَا أَعْظَمُ من أنّ تَكُونَ فِيهَا كَفَّارَة"؛ لأنّها انعقدت على الإثم، والّتي تكفّر لم تنعقد على إثم، وإنّما


(١) ويكون مُقْبِلًا.
(٢) هذه المسألة مقتبسة من المنتقي: ٣/ ٢٤٤.
(٣) أي قول مالك في الموطَّأ (١٣٦٩) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (٢٢٢٢)، وسويد (٢٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>