للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويتصرَّفُ في البَيْعِ على وجوهٍ كثيرةٍ، منها؛ إنْ جئتَنِي بالثَّمَنِ إلى وقتِ كذا رَدَدْتُ عليك، وإن لم تَأْتِني إلى وقتِ كذا فلا بَيْعَ بيني وبينَكَ، وفي ذلك تفصيلٌ بين علمائنا، منه جائزٌ ومنه ممنوعٌ، يأتي بيانُه إنَّ شاءَ الله.

وأمّا "بَيْعُ العُرْبَانِ" فقد فَسَّرَهُ مالك، وتفسيرُهُ يرجِعُ إلى قاعدةِ: أكْلِ المالِ بالباطلِ؛ لأنَّه قال (١): "إِنْ تَمَّ الْبَيْعُ فَالْعُرْبَانُ مِنَ الثَّمَنِ، وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ الْبَيْعُ فَالْعُرْبَانُ لَكَ، وَإِذا كَانَ لَمْ يَتِمّ فَفِي مُقَابَلَةِ مَنْ يَكُونُ" رواه مالك (٢) عن "صحيفة عَمْرو بن شُعَيْب" وهي صحيحةٌ صحَّحَهَا البخاريّ في حديثِ "الرُّباعيات" (٣) وصحَّحَهَا الدَّارَقُطْنِي (٤)، فإذا وَجَدْتُمُ الطريقَ إليها صحيحًا فَخُذُوا بها، وإنّما تَرَكَهَا أكثرهُم لعَدَمِ الثِّقَةِ في طريقها (٥)، لا لِعَدَمٍ في ذاتها.

وقد اعترضَ عليها بعضُهُم (٦) فقال: إنّما ردُّها لاحتمالها؛ لأنّ عَمْرو بن شُعَيْب بن محمّد بن عبد الله بن عَمْرو إذا قال عن* جدِّه، احتملَ أنَّ يكونَ الأقربَ، فيكونُ مُرْسلًا، واحتمَلَ أنّ يكونَ*جدَّهُ الأعلى، فسَقَطَ بالاحتمال. وليس هذا بلازمٍ؛ لأنّ عبدَ الله بنَ عَمْروٍ كَتَبَها عنِ النَّبيِّ عليه السّلام (٧) وصارت مُتَوَارَثَةَ في أولادِهِ متوالدةً في أحفادِهِ،


(١) بنحوه في الموطَّأ (١٧٨٢) رواية يحيى.
(٢) أي روى حديث: "أنَّ رسولَ اللهِ نَهَى عن بيع العربان" رواه مالك في الموطَّأ (١٧٨) رواية يحيى.
(٣) انظر تاريخ البخاريّ: ٦/ ٣٤٢ - ٣٤٣.
(٤) في سُنَنِهِ: ٣/ ٥٠.
(٥) انظر الكلام على هذه الصحيفة.
(٦) انظر الجرح والتّعديل: ٦/ ٢٣٨، والمجروحين لابن حبّان: ٢/ ٧٢ - ٧٣، وسير أعلام النبلاء: ٥/ ١٦٧.
(٧) وهذه الأحاديث الّتي كتبها عبد الله بن عمرو جمعها في صحيفة واحدة كان يسمِّيها "الصحيفة الصادقة"، يقول - رضي الله عنه -:"ما يُرَغِّبُنِي في الحياة إلّا خصلتان: الصادقة، والوَهْطُ. فأمّا الصادقة: فصحيفة كتبتُها عن رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -. وأمّا الوَهْطُ: فأرض تصدَّق بها عمرو بن العاص كان يقوم عليها" أخرجه الدارمي (٥٠٢)، والرَّامَهُرْمُزي في المحدِّث الفاضل: ٣٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>