للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفائدةُ الثّامنة (١):

قوله (٢):" فَإِنَّمَا أَقطَعُ لَهُ قِطعَةً مِنَ النَّارِ" يقول: إنّما أحكُمُ له بما يُوجِبُ النّارَ، إِلَّا أنّ يغفرَ الله (٣)، ويرضَى المظلوم عن الظّالم، وإلّا فالنّار (٤).

الحديث الثّاني، قوله (٥): "الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ: قَاضِيَانِ في النَّارِ وَقَاضٍ في الْجَنَّةِ" العارضةُ فيه (٦): أنّ الّذي يقضي بالجَورِ، فإنّه قد أتي كبيرة من أعظم الكبائر في ظُلم العباد، ونَقضِ عهد الله بالجَورِ من بعد ميثاقه، وما أَبعَدَهُ من المغفرة المطلقة، والّذي يقضي بالجهل جائر، لا تقصُر مرتبته عنه.

ومثالُ الأوّل: مثل أميرٍ يقتلُ من لا يحلُّ قتله من مستحقّه أو لا مستحقّه.

ومثالُ الثّاني: مثلُ من يتعرّض للقتال، ولا يُبَالِي أصابَ بقَتلِهِ من يستحقّه أو مَنْ لا يستحقّه، وكذلك من يسترسلُ على وَطىءِ من وجَدَ من النِّساء، ولا يُبَالِي كيف كانتِ الحالُ، أَتحِلُّ أو لا تحِلّ.

فالأوّلُ منتهكٌ للحُرمَة عَمدًا. والثّاني مستهينٌ بها نِيَّةً وعَقدًا. والثّالث من خلفاء الله في أرضه، وممّن قال فيه النّبيُّ: "المُقسِطُونَ يَومَ القِيَامَةِ عَلَى مَنَابِرَ من نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحمَانِ وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمينٌ" (٧).


(١) في الموطَّأ (٢١٠٣) رواية يحيى.
(٢) في تفسير الموطَّأ: " إِلَّا أنّ يعفو اللهُ".
(٣) "وإلّا فالنّار" من زيادات المؤلِّف على نصِّ البوني.
(٤) أي قوله - صلّى الله عليه وسلم - في الحديث الّذي في أوّل الباب.
(٥) انظر هذا الشرح في العارضة: ٦/ ٦٧ - ٦٨.
(٦) سبق تخريجه صفحة: ٢١٣ من هذا الجزء.
(٧) انظر. في العارضة: ٦/ ٦٨، وراجع الذخيرة: ١٠/ ١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>