للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تفصيل (١):

هذا الّذي قضى بالحقِّ، إنَّ كان عن عِلْمٍ، فهو الّذي يقومُ عن يمين الرّحمن، وإن كان عن تقليدٍ، فلا يجوزُ أنّ يُتَّخَذَ قاضيًا إِلَّا عند الضّرورة، فيقضي حينئذٍ في النّازلة بفتوى عالم رآه، ورواه بنصِّ النّازلة، فإن قاس على قوله، أو قال: يجوزُ من هذا كذا أو نحوه، فهو مُتَعَدِّ، ولا يحلُّ توليةُ مقلِّدٍ في موضع بوجهِ من الوجوه، في موضعٍ يكون فيه من هو أعلم منه، أو يكون فيه عالمٌ مشهورٌ، فإن تقلَّدَ، فهو جَائِزٌ مُتَعَدٍّ؛ لأنّه قعدَ في مَقعَدِ غيره.

الحديث الثّالث (٢)، قوله: "إِذَا اجتَهَدَ الحَاكِمُ فَأصَابَ فَلَهُ أَجرَانِ، وإِذَا أَخطَأَ فَلَهُ أَجرٌ واحِدٌ " وقد بيَّنَّا أنّه حَسَنٌ غريبٌ، وهو في الصّحيح من طريق أبي بكر (٣)؛ قال النّبيُّ: "إِذَا أَصَابَ الحَاكِمُ فَلَهُ عَشرة أُجُور، وإذَا أَخطَأَ فَلهُ أَجرٌ وَاحِدٌ" (٤).

الأصول (٥):

قال الإمامُ: هذا الحديث يشهد له القرآن، وذلك قولُه: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} (٦).

وهذا الحديث ممّا يتعلّقُ به من ذهب إلى أنّ الحقَّ في جهةٍ واحدةٍ في مسألة تصويب المجتهدين، وهي نازلةٌ في الخلاف عظيمةٌ، وقد بيَّنَّا ذلك في "كتب الأصول".


(١) انظر. في العارضة: ٦/ ٧١، وقد سبق تخريجه صفحة: ٢١٣ من هذا الجزء.
(٢) لم نقف على هذا الطريق في ضوء المصادر الّتي وقفنا عليها، والحديث سبق تخريجه صفحة:٢١٣ من هذا الجزء.
(٣) سبق تخريجه صفحة: ٢١٣ من هذا الجزء.
(٤) انظر كلامه في الأصول في العارضة: ٦/ ٧١ - ٧٢.
(٥) الأنعام: ١٦٠.
(٦) يقول المؤلِّف في المحصول في علم الأصول: ٦٥/ ب "وقد اختلف النَّاس فيه [أي في تصويب المجتهدين] اختلافًا متباينًا، عمدته: أنّ قومًا قالوا: إنَّ كلّ مجتهد في الفروع مصيب، وهو قول العلماء. ومنهم من قال: الحقّ في قول بعضهم، وإليه ييل الضعفاء من الفقهاء بجهلهم بالطريقة. والصّحيح أنّ كلّ مجتهد مصيب. واحتجّ من قال بأن الحق في قول أحدهما بأنّ النّازلة إذا=

<<  <  ج: ص:  >  >>