للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وممّا قال فيه مَنْ ذهب إلى أنّ الكُلَّ صوابٌ؛ أنّه خبرٌ واحدٌ ولا يُثبِتُ خبرُ الواحدِ الأصولَ.

الحديث الرّابع: حديث ابن أبي أَوفَى في "التّرمذيّ" (١) قال رسولُ اللهِ - صلّى الله عليه وسلم -: "اللهُ مَعَ القَاضِي مَا لَم يَجُر فَإِذَا جَارَ تَخَلَّى عَنهَ وَلَزِمَهُ الشَّيْطَانُ".

إيضاح مشكلة:

القاضي بالحقِّ ما كان الله معه، فإذا ترَكَهُ الله جَارَ, هذا إخبارٌ عن بداية المقادير وحكمه بالتّقدير، وملكه بالتّدبير، فالله تعالى هو الحقُّ، ولا يريد إِلَّا الحقّ، والباطل ليس منه في شيءٍ.

الحديث الخامس: ذكر أبو عيسى (٢) عن أنس بن مالك؛ أنّ النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ (٣)


= وقعت وقال أحد المجتهدين: هى حلال , وقال الآخر: هي حرام. فلا يجوز أنّ يكونا مصيبين؛ لأنّ ذلك يؤدي إلى محال، وهو اجتماع التحليل والتحريم في عين واحدة. وهي عمدتهم الّتي يعتقدون قوتها، وهي لا تساوي أنّ تسمع، والجواب عنها أنّ نقول: الدّليل في المسألة ما قدّمناه في أول الكتاب من أنّ التحليل والتحريم ليست بصفات للمحللات ولا للمحرمات، وإنّما هي عبارات عن قول الشارع فيما شرع، وعن قول المفتي فيما أَفتَى، وذلك كالنبوة ليست بصفة ذاتية للنبيَّ، وإنّما هي عبارة عن مكاشفته بالوحي، فهذا أدّى الناظر النَّظَر إلى تحليل عين، لم يتعلّق بالعين من ذلك وصف، وهو مطلوب بالعمل باجتهاده، وبما أدّى إليه نظره. وإن نظر آخر فأدّاه نظره إلى تحريم عمل أيضًا على مقتضى اجتهاده ولم يتعلّق بالعين من قوله شيءٍ". وانظر أحكام القرآن: ٣/ ١٢٧٠؛ والعارضة: ٢/ ١٤٤, ٦/ ٧١، ١٣/ ٢٣١.
(١) الحديث (١٣٣٠) وقال: "هذا حديث غريب لا نعرفُه إِلَّا من حديث عمران القطّان".
قلنا: أخرجه أيضًا ابن ماجه (٢٣١٢)، وابن حبّان (٥٠٦٢)، والحاكم: ٤/ ٩٣ وصحَّحَهُ، والبيهقي: ١٠/ ٨٨، ١٣٤. قال ابن حجر معلِّقًا على قول التّرمذيّ السابق في ذِكَرُهُ: "وفيه [أي في عمران القطّان] مقال، إِلَّا أنّه ليس بالمتروك، وقد استشهد به البخاريّ وصحّح له ابن حبّان والحاكم".
(٢) في جامعه الكبير (١٣٢٣)، والحديث أخرجه أيضًا: أحمد: ٣/ ١١٨، وأبو داود (٣٥٧٨ م) وابن ماجه (٢٣٠٩)، والحاكم: ٤/ ٩٢، والبيهقي: ١٠/ ١٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>