للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعتراض:

فإن قيل: ليس حديثُ معاذ بصحيحٍ، ولا متَّصل السَّنَد.

قلنا (١): قد اختلف العلّماءُ في هذا الحديث، فمنهم من قال: هو صحيحٌ، ومنهم من قال: إنّه لا يصحّ (٢)، والَّذي أقول: إنّه صحيحٌ سَنَدًا ومعنًى؛ لأنّه حديثٌ مشهورٌ، رواه شُعبةُ بن الحَجَّاج، ورواه عنه جماعةٌ ثِقَات.

المسألة التّاسعة وهي مسألة أصولية: (٣)

قلنا: لو اتّفق العلّماءُ على صحة هذا الحديث، لم يكن أصلًا للتعلُّق عند علمائنا الأصوليّين في إثبات الاجتهاد؛ لأنّ خبرَ الواحدِ على أصلهم لا يتعلَّق به. ولكن أقول: إنّه يضافُ على أصلهم إلى غيره، فيكون مجموعًا من باب التّواتر المعنويّ، كشجاعة أبي بكر وَجُودِهِ بماله على الدِّينِ في مصالح المسلمين.

المسألة العاشرة (٤): في ترتيب أدلة الأحكام من الكتاب والسُّنَّة والأخبار

وذلك أنّ القرآن هو الأصل في البيان، وهو فيه على وجوهٍ من الجَلَاءِ والخَفَاءِ، فتولَّى النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - بيانه، كما قال جلَّ ثناؤه: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} الآية (٥)، فإن لم يكن في الكتاب جلاءٌ، طلَبَهُ في بيانِ النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - وبَقِيَ إنَّ كان بين القرآن والسُّنَّة تعارضٌ، وهي مسألة خلافيّة طُبوليّة، بيّنّاها في "أصول الفقه".


(١) انظر هذا الجواب في العارضة: ٦/ ٧٢ - ٧٣.
(٢) قال التّرمذيّ في جامعه (١٣٢٨) "وليس إسناده عندي بمتّصل" وقال البخاريّ: "لا يصحّ" وقال ابن حزم: "هذا حديث ساقط" انظر تحفة الطالب: ١٥٢، وتلخيص الحبير: ٤/ ١٨٢، ونصب الراية: ٤/ ٦٣، وقد توسع الألباني في الكلام على الحديث في سلسلته الضّعيفة (٨٨١) فراجعه ففيه فوائد.
(٣) انظرها في العارضة: ٦/ ٧٣ - ٧٤.
(٤) انظرها في العارضة: ٦/ ٧٥.
(٥) النحل: ٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>