للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اصطلاح (١):

قال شيخنا أبو بكر بن العربي: المطلوبُ بالاجتهادِ فيه كلام طويلٌ كما قدّمنا، والذي يظهر الآن، أنّه ما يغلبُ على ظنِّه أنّه نظير ما وقع البيانُ فيه من الله تعالى.

المسألة (٢):

في حديث معاذ تحريم التّقليد، ولكن على من كانت له قُدرة على النّظر، وعِلمٌ بمآخذ الأدلَّة، وفي الأحاديث الحِسَان واللّفظُ لأبي داود (٣) أكثر من أبي عيسى (٤)، قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: بَعَثَنِي رَسُولُ الله - صلّى الله عليه وسلم - إِلَى اليَمَنِ، وَلَا عِلمَ لِي بالقَضَاءِ، فَقُلتُ: يَا رَسُولَ الله تُرسِلنِي إِلَى اليَمَنِ وَأَنَا حَدِيثُ السِّنَّ وَلَا عِلمَ لِي بِالقَضَاءِ؟ قالَ: "إِنَّ اللهَ سَيَهدِي قَلبَكَ وَيُثَبِّتُ لِسَانَكَ. إِذَا تَقَاضَى إِلَيكَ رجُلَانِ فَلَا تَقضِي لِلأوَّلِ حَتَّى تَسمَعَ كَلَام الآخَرِ، فَإنَّهُ أَحرَى أنّ يَتَبَيِّن لَكَ القَضَاء. قَالَ: فَمَا شَكَكتُ في قَضَاءٍ بعدُ".

قال أصحاب أبي حنيفة (٥): قولُ النَّبيِّ لعليِّ: "إِذا تَقَاضَى إِلَيْكَ الخَصمَانِ فَلَا تقضِ لأَحَدِهِمَا حَتَّى تَسمَع مِنَ الآخَرِ". فيه دليلٌ على أنّه لا يُقضَى على الغائب إذا ادُّعِيَ عليه، وهي إحدى رِوَايَاته، في تفصيلٍ طويلٍ؛ لأنّه لم يسمع منه، وهذا إنّما هو مع إمكان السّماع من الآخر، وأمّا مع تعذُّرِهِ لغيبه، فلا يمنع القضاء، كما لو تعذَّر بإغماءٍ أو جنونٍ، وقد ناقض أبو حنيفة في القضاء في الوديعة على المُودعِ عنده بالنَّفقة، وهذا


(١) وهو المسألة الثّالثة عشرة، وانظرها في العارضة: ٦/ ٧٣.
(٢) وهي المسألة الرّابعة عشرة، وانظرها في العارضة: ٦/ ٧٥ - ٧٦.
(٣) في سننه (٣٣٧٧).
(٤) في جامعه الكبير (١٣٣١) وقال: "هذا حديث حسن". والحديث أخرجه أيضًا: ابن أبي شيبة (٢٩٠٩٨، ٣٢٠٦٨)، وأحمد في مسنده: ١/ ٨٣، وفي فضائل الصّحابة (٩٨٤)، وابن ماجه (٢٣١٠)، والنسائي في الكبرى (٨٤١٧)، وخصائص علي (٣٢)، وأبو يعلى (٤٠١)، والبيهقي: ١٠/ ٨٦، وانظر نصب الراية: ٤/ ٦١.
(٥) انظر مختصر الطحاوي: ٣٣٦، والمبسوط: ١٦/ ٧٦، وشرح فتح القدير: ٧/ ٢٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>