للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأصول:

فإن قيل: ما الفرقُ بين الحديثين؟

قيل له: الفرق بين الحديثين أنّه فرقٌ بين المذمُومِ من الشّهادات، وهو شهادة الكذب، وبين الشّهادةِ الّتي المرءُ فيها صادقٌ.

ما جاء من الفرق بين الشهادتين (١):

ألَّا تراهُ قال في الخبر الأوّل: "أَلَا أُخبِرُكُم بِخَيرِ الشُّهَداءِ"، وقال في الخبر الثّاني: " ثُمَّ يَظهَرُ الكَذِبُ" فدلَّ ذلك على أنّ الشَّهادة المذمومة شهادة الكذب، خلافًا للشّهادة الّتي يكون فيها الشّاهد صادقًا فيها. ورُوِيَ عنه -عليه السّلام- أنّه قال: "خيرُكُم قَرنِي، ثُمَّ الذين يَلُونَهُم، ثُمَّ الَّذين يَلُونَهُم، ثُمَّ يَأتِي قَومٌ يَشهَدُون ولا يُستَشْهَدُون" (٢).

قال النّخعيُّ: معنى الشّهادة هاهنا اليمين، وقد سمّي اليمين شهادة، يريد أنّ يحلف قبل أنّ يستحلف.

المسألة الثّانية:

وقوله (٣): "شهَادَاتُ الزُّورِ". وهي من الكبائر، وقد قرنت بالشِّرك باللهِ تعالى وعقوق الوالدين، وكان عبد الله بن مسعود يقول (٤): عدلت شهادة الزّور بالشِّرك بالله، ثمّ قال: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ} الآية (٥). (٦) (٧)


(١) وهو المسألة الأولى.
(٢) أخرجه البخاريّ (٢٦٥١)، ومسلم (٢٥٣٥) من حديث عمران بن حصين.
(٣) في حديث الموطَّأ (٢١٠٦) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (٢٩٣٢)، وسويد (٢٩٠)، ويحيى بن بكير عند البيهقي: ١٠/ ١٦٦.
(٤) أخرجه عبد الرزّاق (١٥٣٩٥)، وابن أبي شيبة (٢٣٠٣٨)، والطبراني في الكبير (٨٥٦٩)، وقال الهيثمي في المجمع: ٤/ ٢٠٠ - ٢٠١ "رواه الطبراني في الكبير وإسناده حسن".
(٥) الحجِّ: ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>