للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ} الآية (١)، وإذا كان بالكسر فهو بمعنَى الخِصَامِ والمجادلة. اللّفظ الثّاني: قولُه: " وَلَا ظنِينِ": وهذا (٢) يدخلُ في وُجوهٍ شتَّى:

منها: الظَّنِينُ في حالة بغير الصّلاح.

وقيل: هو الّذي يُتَّهَمُ في الدّعاوى، مثل أنّ يدعى إلى غير أبيه، أو المتوالي إلى غير وإليه، وقد يكون الّذي يُتَّهَم في شهادته لقرابته كالوالد للولد (٣).

وقيل (٤): هو المُتَّهَم في دِينِه.

اللّفظ الثّالث: قولُه في الحديث الثّاني: "لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ خائِنٍ وَلَا خائِنَةٍ وَلَا ذِي غِمرٍ عَلَى أَخِيهِ".

أمّا قولُه: "خَائِن" فإنّ الخيانة تدخل في أشياء كثيرة سوى الخيانة في المالِ، منها أنّ يُؤمن على فَرجٍ فلا يؤدي فيه الأمانة، وكذلك إنِ استودع سرًّا.

ومنه أيضًا قولُه: "إِنَّما تُجَالَسُونَ بالأمَانَةِ" (٥).

اللّفظ الرّابع: أمّا قوله: "وَلَا ذِي غِمرٍ عَلَى أَخِيه" فإن الغمرة الشّحناء والعَدَاوة، فإذا كان هذا، فللرجل أنّ يُوَكِّل الخَصم للكلام، وهذا هو الّذي لا تجوز شهادته لأجل مُخَاصَمَتِهِ.

اللّفظ الخامس: قوله: " وَلَا القَانِع من أَهلِ البَيتِ لَهُم" فإنّه الرجُلُ يكون مع الرَّجُلِ كالجارِ لهم، والقانع يطلب فضله.

قال الإمام: ويتركّب على هذا الحديث من الفقه إحدى وعشرون مسألة:


(١) سورة ص: ٢١، وانظر أحكام القرآن: ٤/ ١٦٣٠.
(٢) هذا السّطر والذي يليه قاله ابن حبيب في تفسير غريب الموطَّأ: الورقة ١٠٤ [٢/ ٧].
(٣) يقول البوني في تفسير الموطَّأ: ١٠٠/ أ "في هذا الحديث من الفقه: أنّ النَّاس كانوا في أوّل الإسلام على العدالة، حتّى كثُر من دخل في الإسلام من أصناف أهل الأديان. فبدت منهم شهادة الزّور، فحكم عمر أنّ يكون النّاسُ على الاستخبار، وحينئذ قال: لا تجوز شهادة خصم ولا ظنين".
(٤) قاله البوني في تفسيره في الموضع السابق.
(٥) رواه ابن سعد في الطبقات: ٥/ ٣٧٠، والعقيلي في الضعفاء: ١/ ١٦٩، ٤/ ٣٤٠، والقضاعي في مسند الشهاب (١٠٢١) من حديث ابن عبّاس مطوّلًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>