للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الرّابعة (١):

قال أبو الزّناد وفي الحديث: "إِذَا عميت قِيمَته" (٢) وهذا الّذي ذَكَرَهُ لا يثبت عن النّبيّ -عليه السّلام- فيه شيءٌ، وإنّما هو قول جماعة الفقهاء: إنَّ الرَّهنَ يضمن منه قَدْر الدِّيْن، وما زاد على ذلك فهو أمانة، وهذا قول ابن أبي ليلَى والثّوري وأبي حنيفة (٣).

وأمّا ما رُويَ من قول أصحابنا في قوله: "الرَّهنُ بِمَا فِيهِ" هو قول الفقهاء السَّبعة، إنّما ذلك إذا جُهِلَت صفتُه ولم يدَّع معرفة ذلك راهِنٌ ولا مُرْتَهِن، وهو قول اللَّيث، وبلغني (٤) عن عليّ رضي الله عنه (٥). وقد قال مالك: الرَّهْن بما فيه إذا ضاع عند المُرتَهِن ما يغاب عليه إذا كانت قيمته بمقدار الدِّين، وسيأتي بيانُه إنَّ شاء الله.

المسألة الخامسة (٦):

وإذا جاء المُرّتَهِن بالرَّهْن وقد احترق وقال: قد وقعت عليه نار، فلا يصدَّق وهو ضامِنٌ إلّا أنّ تقوم بيِّنة، أو يكون من الاحتراق أمر مشهور، من احتراق منزله أو حانوته فيأتي ببعض ذلك محروقًا، فإنّه يُصَدَّق، رواه ابن حبيب عن ابن القاسم (٧).

والقول قولُه فيما ادّعاه إذا جاءَ بالشُّبهة من احراقِ حانوته أو منزله.


(١) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٥/ ٢٤٣.
(٢) أخرجه الطحاوي بسند صحيح - كما نصّ الزّيلعي- في شرح معاني الآثار: ٤/ ١٠٢ من طريق عبد الرّحمن بن أبي الزناد عن أبيه، قال: كان من أدركت من فقهائها الذين ينتهى إلى قولهم: منهم: سعيد بن المسيّب، وعروة بن الزبير، والقاسم بن محمَّد، وأبو بكر بن عبد الرّحمن، وخارجة بن زيد وعبيد الله بن عبد الله في مشيخة من نظرائهم أهل فقه وعلاح وفضل، فذكر جميع ما جمع من أقاويلهم في كتابه على هذه الصِّفة؛ أنّهم قالوا: الرَّهْن بما فيه إذا هلك وعميت قيمته، ويرفع ذلك منهم الثقة إلى النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم-، وانظر نصب الراية: ٤/ ٣٢٢.
(٣) انظر مختصر الطحاوي: ٩٥، ومختصر اختلاف العلماء: ٤/ ٣٠٩، والمبسوط: ٢١/ ٦٤ - ٦٥.
(٤) القائل هنا هو الإمام اللَّيث.
(٥) نصّ على ذلك الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء: ٤/ ٣١٠، ورواية عليّ أخرجها عبد الرزّاق (١٥٠٣٩)، والبيهقي: ٦/ ٤٣.
(٦) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٥/ ٢٤٤ - ٢٤٥.
(٧) في المنتقى: "رواه ابن حبيب عن أصْبَغ عن ابن القاسم".

<<  <  ج: ص:  >  >>