للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شهادتُه، وإنّما ينتفي عنه بهذا ما ينافي الصّلاح ممّا خاف (١) أنّ يكون التقط المنبوذ له. وقد وَهَمَ البونيّ (٢) فقال: "إنَّ عدالةَ رجلٍ واحدٍ إذا حضر مجلسَ القاضي فأخبره بعدالة المعدّلِ أنّه يقبله، ويجزىء في ذلك بسؤال الواحدِ إذا وثق به. وكذلك رُوِيَ عن أَصْبَغ أنّه قال: إذا شَهِد الشّاهدُ عند القاضي وهو لا يعرفُهُ، فسأل عنه رجلًا فأخبرَهُ وزكّاه عنده، أجزأ بذلك إذا كان القاضي هو السّائلُ عنه والكاشف لأمره؛ لأنّ ذلك بمنزلة علم القاضي إذا علمّ العدالةَ من الشّاهدِ، وإذا كان ذلك بعّدلَين يأتي بهم الشّهودُ، فلا يقبل في ذلك أقلُّ من اثنين" والصّوابُ ما قدمناه أنّه ليس من باب التّزكية،

المسألة الثّالثة (٣):

قول عمر (٤): "اذْهَب فَهُوَ حُرٌّ" قال علماؤنا (٥): إنّما قال ذلك على وجه الإخبار أنّه حرٌّ، ولا خلاف فيه؛ لأنّ الأصل في الخَلْق الحريّة حتّى يثبت الرِّقّ، والفقر حتّى يثبت الغِنَى، ولثبوته طرق: منها بلوغُ السّعي، والجهلُ حتّى يقع العلم، وهذا مُشَاهَدٌ، والإِسلامُ بعد عموم الدّعوة حتّى يثبت الكفر.

وقال غيره: قوله: "حُرٌّ" يدلُّ على وجه الإخبار أنّه حرٌّ، وسواء التقطه عبدٌ أو نصرانيّ (٦).

ووجهه: أنّه لا يتيقّن فيه سبب من الأسباب، أعني سبب الاسترقاق. وقد بيّنّا


(١) أي ممّا خاف عمر بن الخطّاب رضي الله عنه.
(٢) في تفسير الموطَّأ: ١٠٢/ أ.
(٣) انظر بعض هذه المسألة في القبس: ٣/ ٩١٤، وفي المنتقى: ٦/ ٣.
(٤) في الموطَّأ (٢١٥٥) رواية يحيى.
(٥) لعلّه يقصد الباجي الّذي قال في المنتقى: ٦/ ٣ "وقرله: هو حرّ، على وجه الإخبار له بحكمه وأنّ اللّقيط حر".
(٦) ورد هذا القول في كتابُ ابن الموّاز، نصّ على ذلك الباجي في المنتقى: ٦/ ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>