للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك في "مسائل الخلاف" ومهّدنا القول فيها، ولذلك قال أشهب: إذا التقطه مسلم؛ كان مُسْلِمًا على أي حالٍ وقعَ الالتقاط. وقال غيره: المُعَوَّلُ على الدّار فإن كانت دارَ كُفْرٍ فهو كَافِرٌ، وإن كانت دار إسلام فهو مسلمٌ. وهذا لأنّه عارض الأصل ظاهرًا، فرجّح أشهب الأصل، ورجّح أصحابه الظّاهر.

وقال ابنُ القاسم: لو كان في القرية مسلمان أو ثلاثة، كان الولد مسلمًا، فغلب الإسلام.

وذلك أنّ للدّار تأثيرًا وللملتقط تأثيرٌ، فوجب أنّ يغلب حكم الإسلام، وكذلك لو التقط في كنيسة، لحُكِمَ بالإِسلام (١) له، كما يُحْكَم له بالحريّة.

المسألة الرّابعة (٢):

قوله (٣):"وَلَكَ وَلَاؤُهُ" يريد: تخصيصُه بذلك، ذلك يقتضي كونه على دِينِه.

وقوله: "وَلَكَ وَلَاؤُهُ" يريد: القيام عليه.

فإن التقطه نصْرَانِيٌّ، فقد قال أَصْبَغ: يُنْزَع منه لئلّا يُنَصِّره أو يسترقّه، وهذه ولاية الإسلام لا العِتْق؛ لأنّ هذا اللّقيط مجهول النّسب فولاؤه للمسلمين، وإلى هذا ذهب مالك (٤) وأكثر أهل الحجاز، وبه قال الشّافعيّ (٥).

ورُوِيَ عن عليّ أنّه قال: اللّقيط حرٌّ (٦) وله أنّ يواليَ من أحبُّ، وبه قال ابن


(١) أي بحكم الإسلام.
(٢) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٦/ ٣ - ٤.
(٣) أي قول عمر في الموطَّأ (٢١٥٥) رواية يحيى.
(٤) قاله في المدوّنة: ٨/ ٣٦٨ (ط. صادر) في ولاء الملقوط.
(٥) في الأم: ٤/ ٧٠ (ط. النجار) إلّا أنّه قال: "هو حرٌّ ولا ولاء له وإنّما يرئه المسلمون"، وانظر الإشراف لابن المنذر: ١/ ٣٠٠.
(٦) أخرجه عبد الرزّاق (١٣٨٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>